قد تكون صعدة هي مفتاح الحل، فنقل الصراع إلى ساحاتها قد يعجل بجلوس الطرف الحوثي إلى طاولة المفاوضات ومشاركة باقي القوى السياسية اليمنية في صناعة الحل. في صعدة تقبع المرجعيات الروحية الحوثية ومن يرتهن إليهم الحَوَثةَ في مباركة وإضفاء الشرعية على أي قرار سيتم اتخاذه مستقبلاً. هناك يقبع منظرو ولاية الفقيه الجدد، الذين كانوا بالأمس هم حكماء المذهب الزيدي باليمن ومنظروه، لكنهم باعوا وطنهم لنظام طهران واعتنقوا مذهبها، من صعدة يصدر أذناب إيران آراءهم العدائية وغير المتزنة بخصوص مواصلة أفراد الجماعة الحوثية للقتال وعدم القبول بأي تسوية سلمية. فيتم إحراق مدن وقرى اليمن في احتراب واقتتال كانوا هم السبب الرئيس في إشعال أواره، في ذات الوقت الذي يقيمون فيه بصعدة آمنين مطمئنين، ينتظرون أن يؤذن لهم بالخروج بعد تصفية باقي القوى اليمنية، ليقدموا إلى صنعاء للجلوس على «عرش» اليمن، .فهم يرون أنفسهم حكماء اليمن ومن سيعهد إليهم ببنائه وأنهم أصحاب العقيدة الأصح بين كافة الفرقاء. نقل قوات التحالف العربي ساحة المعركة إلى صعدة واعتبارها هدفاً عسكرياً كان هو القرار الصحيح. هذا القرار وإن تأخر كثيراً لأسباب عدة أهمها المنطلق الإنساني، إلا أنه يبقى قراراً صحيحاً. المملكة العربية السعودية وكافة دول التحالف العربي، تعي جيداً صالح اليمن وتعمل على تبني الخيار الصحيح، الذي سينعكس بالإيجاب على المواطن اليمني. كيري قد أكد على هذا عندما قال بأنه لاتوجد دولة في العالم دعمت اليمن كما دعمته السعودية خلال الأربعين عاماً الماضية. كما أن اهتمام حكومة خادم الحرمين بطرح وتبني «الهدنة الإنسانية» يعطينا تصورا واضحا عن حرص الجانب السعودي في تقديم خيار السلام على الحرب. الدول العربية أيديها ممدودة لكافة القوى اليمنية المتناحرة للمساعدة في إيجاد الحل، فقط هي العصابات الحوثية التي ما زالت تعبّر عن عدم قناعتها بالجلوس إلى طاولة الحوار. ومن يدري ربما هي الآن في انتظار التوجيهات الأخيرة من حكومة طهران بخصوص القبول أو الرفض. فالانقلابيون الحوثيون قد باعوا الوطن وراهنوا على نظام طهران، الذي أفهمهم بأنه سيقيم لهم وطناً بديلاً على التراب اليمني يكونون هم سادته وملاليه. سيكون وطنا مبنيا على فكرة الإيمان بولاية الفقيه، ويقيني بأنه سيكون وطناً شكليا في حين يكون الحل والربط بيد طهران. نحن في السعودية من أكثر الداعمين لخيار السلام ومن أكثر القوى العربية الحريصة على إنفاذ هدنة السلام، ولكننا في ذات الوقت مازلنا نملك خيار استخدام القوة للتعامل مع أي متغير ظرفي قد يشكل تهديداً لأمننا القومي. جميع دول العالم تعي، أننا كحكومة وشعب كنا وسنظل حريصين على تبني خيارات السلام وأننا نعمل جاهدين على إخراج اليمن من أزمته الراهنة والوصول به إلى بر الأمان. لكن الأمر منوط أولا وأخيراً بعزم كافة القوى السياسية اليمنية، وخاصة الانقلابيين الحوثيين على تحكيم العقل والمنطق من أجل إنقاذ ماتبقى من اليمن.