رغم الحرب التي أعلنتها السلطات العراقية على تنظيم "داعش" منذ أكثر من ستة أشهر إلا أن هذا التنظيم لا يزال يخوض المعارك ويحتل مناطق جديدة، غير آبه بما تعلنه وسائل الإعلام عن الهزائم التي تلحق به. التنظيم سيطر قبل أيام على مناطق جديدة في منطقة الأنبار العراقية، بعد انسحابه من تكريت ودخول القوات العراقية إلى هذه المدينة، وقبل حوالي أسبوعين أعلنت السلطات في بغداد عن البدء بتحرير الأنبار إلا أن الواقع يقول غير ذلك. يرى مراقبون للشأن العراقي أن السلطات العراقية باتت أسيرة موقف طهران الذي يرفض بشكل مطلق تسليح عشائر الأنبار لحسابات سياسية وطائفية، كما أن السلطات العراقية رهنت نفسها لقرار الميليشيات التي تريد دخول المعركة بشروطها، دون النظر لأي حسابات وطنية، الجيش العراقي الذي بناه رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي يبدو أنه لا يزال عاجزا عن تحقيق أي نصر دون وجود الميليشيات التي تحظى بدعم إيراني بشكل مباشر، وبات من الواضح أن هذه الميليشيات لا تأتمر بأوامر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ولا يملك السلطة على تحركاتها، وممارساتها. وبات من الواضح أن الميليشيات لها حساباتها الخاصة المرتبطة بشكل مباشر بالحسابات الإيرانية وخاصة في مشاركتها في تحرير مدينة تكريت وما له من رمزية لدى قادة طهران، وتحرير هذه المدينة أثار تساؤلات كثيرة، مع انسحاب "داعش" من المدينة ودخول الميليشيات إليها حيث قامت بأعمال النهب والسلب والتدمير. ليس فقط الحرب على داعش تؤكد حقيقة الدور الإيراني وأولوياته بدعم الميليشيات على حساب الحكومة والدولة؛ بل إن الممارسة السياسية لقادة طهران، في العراق كما في سوريا ولبنان وغيرها تعمل وفق استراتيجية إضعاف الدولة لحساب الميليشيات، ضمانا لاستمرار النفوذ وسهولة الهيمنة على هذه الدول، وبات مطلوبا من كافة النخب السياسية العراقية بجميع انتماءاتها الطائفية والسياسية، أن تعي حقيقة الدور الإيراني، وبشكل خاص رئيس الوزراء العبادي وهو صاحب القرار، وأن يتصرف كمسؤول عن العراق كدولة وليس عن مكوِّن دون الآخر.