بوجهه الجميل يحاول ابن أخي إرضائي بعدما عاتبته لرحلته التي سيقوم بها مع أهله، فما كان منه إلا أن قال: عندي فكرة! وسرح برهة بنظره إلى الأعلى ثم أكمل قوله: سأذهب قليلاً جداً ثم سأعود سريعاً وأبقى معك، فبفكرته هذه أراد أن يرضيني وأن لا يفوت أيضاً على نفسه الرحلة!. حبيبي ابن أخي ذو الثلاث سنوات من العمر ومن مثله من أقرانه الآخرين الذين قد لا يهتم بعضنا لمدى ذكاء ردودهم أو أفعالهم، فنظل نردد أنهم أطفال فليحيوا طفولتهم على ما يرام، لا ضير ب (ما يرام) لكن أليس الأجدى أن نهتم أكثر ببنائهم شخصياً واجتماعياً وفكرياً وذهنياً دون المساس بحياة الطفولة فيهم؟، ونكتشف عالمهم ونرى من أي النواحي يتميزون ونصب كل الاهتمام بنقاطهم البارزة ونصقلها باهتمام يوازي اهتمامنا بمأكلهم ومشربهم وملبسهم عوضاً عن سلوكنا الطريق السهل بإرسالهم لمشاهدة الرسوم المتحركة لوقت كبير أو منحهم الآيباد لنرتاح ولا يزعجون مضجعنا؟ المستقبل أصعب من ذي قبل، ولذلك التربية والتنشئة يجب أن تواكب هذه الصعوبة في تذليل ما قد يصادف الطفل في شبابه، لذلك تغير مفهوم الأسرة وحجمها عند بعضنا عن مفهومها السابق الذي يهتم بالعدد والكثرة و(كِلٍ رزقه معه) فالنظرة المهمة الآن هي الترابط والأهم هو أن تكون أسرة متكاملة ومتساوية المميزات وأن يأخذ جميع أفرادها حقهم الحقيقي ليحيوا حياة كريمة في شبابهم الذي يعتمد على الدراسة الموازية لتعليمهم العام الذي لا يكفي لوحده في ظل الشروط والمتطلبات التي تحتاجها الوظائف ويحتاجها الفرد حتى لنفسه والوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يزداد في ارتفاعه مع الوقت. سيشكرونكم كثيراً على هذا الصنيع عندما يَعون ما هي الحياة وماذا سيقابلون فيها من مواقف وعثرات، فهذا هو دوركم الأساسي مساعدتهم حتى يصلوا إلى بَرًّ اختاروه هم وأرادوا أن يعيشوه وأن يبدعوا فيه، وفق اختياراتهم بإشرافكم، ولتكفوا عن نهرهم وترغيبهم برغباتكم أنتم وتوعدهم بالغضب إن لم يكونوا مثلما تريدون الذي يصل في بعض الأحيان إلى التشكيك في محبتهم لأهلهم، مع أنهم إن دققوا جيداً لسمعوا نشيداً يغنى بنبضات القلب ويعود صداه على كل ما حولهم، فقط استمعوا. فلا يعني أبداً الاختلاف هو الخلاف، ولا يعني تغير الفكر بأنهم حادوا عن الصراط، بل ببساطة هي الحياة، فلا شيء فيها يدوم على حاله، ولا شيء يضمن أن يكون الأبناء جميعهم نسخةً من بعض، فالواجب هو احتضانهم جميعاً والاستماع لهم وتأكيد الترابط الذي جمع بينهم الذي لا يمكن اختراقه، فيا أيها الوالدان لا تتحيزا لابن عن آخر فجميعهم أبناؤكم وكلهم يتفانون في بِرّكم وخدمتكم وطاعتكم وإن اختلفت الطريقة أو الكيفية.