واصلت قبائل يمنية أمس السبت تحركاتها الميدانية والسياسية لمناصرة الشرعية الدستورية، في وقتٍ احتدَم القتال في مدينة تعز «جنوب غرب» وسط تأكيدات بسيطرة المقاومة على آليات عسكرية، بينما دخلت عملية «عاصفة الحزم» بقيادة المملكة يومها ال 24. وأعلنت قبائل وادي وصحراء حضرموت«جنوب شرق» تأييدها الشرعية الدستورية ممثلةً في الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه خالد محفوظ بحاح ودعمها «عاصفة الحزم» وقرار مجلس الأمن الدولي الأخير القاضي بفرض عقوبات على الحوثيين. وأبدت القبائل، في بيانٍ صدر في ختام اجتماعها أمس في مدينة سيئون، ارتياحها للإجراءات التي اتخذتها المملكة ودول الخليج العربي في اليمن، وشدَّدت على ضرورة تشكيل قوة أمنية مشتركة من أبناء محافظة حضرموت لحماية الشركات النفطية والتصدي لأي قوى خارجية تريد السيطرة عليها أو العبث بممتلكاتها، منوِّهةً بمواقف قادة الألوية والوحدات العسكرية والمعسكرات الذين أعلنوا انحيازهم للشرعية. ووفقاً للبيان؛ أعلنت القبائل تشكيلها مرجعية من كبار زعماء قبائل وادي وصحراء حضرموت برئاسة عبدالله صالح الكثيري. وفي المحافظة نفسها؛ احتجز قبليون في منطقة الضليعة ناقلة بضائع كانت في طريقها إلى محافظة مأرب «وسط» بعد اكتشافهم وجود مدرعة يُشتبَه في تبعيتها للمتمردين على متنها، بينما احتجزت قبائل في مأرب 50 حوثياً في منطقة صافر شرق المحافظة بعد أن كانوا على متن حافلة نقل جماعي قادمة من حضرموت. واتهمت القبائل المحتجزين بالانتماء إلى الميليشيات المسلحة. وبالتزامن؛ شنت مقاتلات «عاصفة الحزم» غارات على مواقع عسكرية للحوثيين في جبل هيلان الاستراتيجي «غرب مأرب». وذكرت مصادر ميدانية أن القصف استهدف مواقع في غرب الجبل تشهد محاولات من قِبَل المتمردين للسيطرة عليها. ويأتي ذلك بعد يومٍ على شن عدة غارات على معسكر الحرس التدريبي في منطقة ماس شمال غرب المحافظة، الذي تتحصن فيه عناصر متمردة. وكانت القبائل في المحافظة أعلنت خلال اليومين الماضيين عن سيطرتها على عدة مواقع لمسلحي الحوثي في جبل هيلان الممتد إلى مدينة صرواح. في سياقٍ متصل؛ كشف رئيس تحالف قبائل محافظة شبوة «جنوب»، عوض بن عشيم العولقي، عن محاصرة مقاتلي التحالف أكثر من 1500 مسلح حوثي بين مديرية بيحان ومحور عتق «تفصل بينهما مسافة 165 كلم». وقال العولقي أمس إن «مسلحي شبوة البالغ عددهم عدة آلاف قطعوا خطوط الإمداد والتموين عن مواقع الحوثيين في المحافظة منذ 48 ساعة ومنعوا وصول الأغذية والوقود إليهم»، واعتبر أن «حرب العصابات أنهكت المتمردين وجعلتهم في خانة الدفاع بعد أن كانوا مهاجِمين». ونقل موقع «المشهد اليمني» الإخباري عن العولقي قوله إن 91 مقاتلاً من ألوية عسكرية كانت خاضعة لسيطرة التمرُّد سلَّموا أنفسهم أمس الأول لقبائل شبوة. وأبلغ العولقي الموقع أن القبائل عفَت عن المستسلمين و«طالبتهم بالانضمام لها في إطار الواجب الوطني في الدفاع عن اليمن من المطامع الأجنبية التي يمثلها الحوثيون إلى جانب النظام الإيراني». ووفقاً ل «المشهد اليمني»؛ سلَّم رئيس تحالف قبائل شبوة 30 صندوق سلاح وذخيرة إلى اللجان الشعبية في محافظته بعد أن ألقت بها طائرات «عاصفة الحزم» دعماً للمقاومين. وفي محافظة أبين «جنوب»؛ أفادت مصادر بتحقيق المقاومة مكاسب على جبهة «زنجبار- الكود» وسيطرتها على مقر لواء الأمن المركزي المقابل للواء 15 مشاة الموالي للانقلاب، وعلى مقر السجن في المدخل الغربي لمدينة الكود. وذكرت المصادر أن قتلى وجرحى من الطرفين سقطوا في المعارك، وأن المقاومة الشعبية لا تزال تُحكِم سيطرتها على مناطق موديه ومخديرة وجبهة عكد مع شنِّها هجمات متفرقة على مثلث أمعين. لكن اللواء 111 مشاة المتمركز في مدينة شقرة الساحلية التابعة للمحافظة انقلب على الشرعية بعد أن كان أعلن عن ولائه لها في مطلع أبريل الجاري. وذكرت مصادر محلية أن جنوداً من اللواء سلَّموا دبابات ومدفعية في جبهة لاريب للحوثيين، ما دفع عناصر من المقاومة الشعبية في مدينة أحور إلى الرد بمحاصرة مقر اللواء. إلى ذلك؛ احتدم القتال في مدينة تعز بين المقاومة والجنود الموالين للشرعية من جهة والحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة ثانية. وفيما أفادت مصادر محلية بمقتل 12 مسلحاً حوثياً خلال معارك وقعت أمس في عددٍ من أحياء المدينة لافتةً إلى «اندلاع حرب شوارع»؛ قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن 27 شخصاً على الأقل قُتِلوا فيها ليل الجمعة- السبت جرَّاء الاشتباكات وغارات التحالف المستهدِفة مواقع المتمردين. ونقلت الوكالة عن مصادر أن من بين القتلى 19 حوثياً و4 جنود من اللواء 35 مدرع الموالي للشرعية ومثلهم من المقاومة الشعبية. و«سَمِعَ سكانٌ إطلاق نار ودوي انفجارات طوال ليل الجمعة في عدة أحياء في تعز»، بحسب الفرنسية التي أشارت إلى أضرار جسيمة لَحِقَت بالقصر الرئاسي في المدينة بعد استهداف التحالف له كونه يقع تحت سيطرة المتمردين. وتحدثت مصادر تعزيَّة أخرى عن أن القتال أمس أوقع 12 قتيلاً بين الحوثيين وأن المقاومة دمرت دبابة وعربتين في حي الحصب واستولت على دبابتين كانتا في طريقهما إلى نادي النصر الرياضي الواقع في منطقة بير باشا تحت سيطرة التمرُّد. وقالت هذه المصادر إن اشتباكات عنيفة وقعت في جولة «ميدان» المرور، وأن قوات اللواء 35 مدرع الموالي للشرعية نفذت قصفاً مدفعياً على تلَّة مطلَّة على مقر البحث الجنائي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الحوثيين، فيما تمكن عددٌ منهم من الاختباء في وسط الحارات. ومنذ أيام؛ تدور مواجهات عنيفة بين الطرفين في تعز «عاصمة محافظة تحمل الاسم نفسه» تتركَّز معظمها في الأطراف الشمالية والغربية للمدينة، وينتشر مئاتٌ من مسلحي المقاومة في معظم شوارعها وسط اتهامات للمحافظ السابق، حمود الصوفي، بالعمل على تجنيد العشرات من أنصاره لمساندة الانقلابيين في القتال. ويشغل الصوفي حالياً منصب رئيس جهاز الأمن السياسي. وعلَّق المدير السابق لمكتب الرئيس هادي، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، على معارك تعز بقوله «إنها تضرب أروع الأمثال في البطولة ضد الحوثيين»، مبدياً في الوقت نفسه ارتياحه ل «صمود عدن». واعتبر بن مبارك، في منشور كتبه على صفحته في موقع «فيسبوك»، أن «الحوثيين بغوا واستكبروا فما مرُّوا بمدينة إلا وفجَّروا وقتلوا وأرهبوا الشجر والحجر والإنسان، وتلك البيضاء والرضمة وأرحب وتعز ومأرب وعمران وتهامة بل وصعدة خير شاهد على ذلك». وخاطب بن مبارك المناهضين للانقلاب قائلاً: «اعلموا أيها الأبطال أنكم لا تواجهون (..) ذلك الحلف الشيطاني، بين الحاقد العابث والموتور الأرعن، إنكم تواجهون ذلك الحلف بكل ترسانته ومن خلفه تلك القوة الإقليمية الحالمة بالعودة للسيطرة على حساب أمننا واستقرارنا وجوارنا»، في إشارة إلى إيران. وحمَّل المدير السابق لمكتب الرئيس معسكر الانقلاب مسؤولية تفاقم الأزمة، وقال «ما اعتدينا عليهم ولكنهم اعتدوا، ما جئناهم ولكنهم جاءونا غازين، قلنا سنضرب بسيف السلم ما استطعنا حفاظاً على نسيجنا وأمننا الاجتماعي ولمعرفتنا بالعواقب الوخيمة على كل الوطن، فاغتروا واستضعفونا، حلمنا صادقين بدولة مدنية حديثة، تتسع لنا جميعاً، وكنا قريبين جداً من الاتفاق على عقدنا الاجتماعي التوافقي، ودستورنا الاتحادي الجديد، بل وذهبنا إليهم مرات ومرات أينما هم، ووقفنا على أبوابهم، فما أنصتوا لنا، وقالوا إنها مسيرة ظافرة تتجه للأمام بلا تروس للخلف، وبأن السماء والملائكة تقاتل معهم، حاولنا ما استطعنا أن نقترب ونقرِّب ذات البين، وقلنا لهم لا يمكن لنا أن نتحاور وأسلحتكم في أفواهنا، فقالوا لنا لا حق إلا ما قلناه، قاومنا ذلك، فاتُّهِمنَا بالعمالة والارتزاق». وفي عدن«جنوب»؛ شنَّت القوات الموالية للانقلاب أمس هجوماً على حي القطيع في كريتر استخدمت فيه الأسلحة المتوسطة والثقيلة، ما دفع المقاومة في الحي إلى توجيه نداء لمساندتها بأي وسيلة «لأنها تتعرض للهجوم بالدبابات والبي إن بي والدوشكا والأربيجيهات من جهات البنك المركزي والمعاشيق وعدن مول»، بحسب موقع «عدن الغد» الإخباري. وأورد الموقع أن القصف في كريتر كان عشوائياً وتضررت منه عدة منازل. وأفاد الموقع ذاته بأن طائرات «عاصفة الحزم» شنَّت عدة غارات أمس على مواقع للحوثيين في المدينة بينها منزل عتيق في كريتر تعود ملكيته للرئيس الجنوبي السابق، علي سالم البيض. ويقع المنزل على رأس تلة جبلية صغيرة في منطقة حقات في كريتر. وربط «عدن الغد» بين قصف التحالف المنزل وتحويله إلى مقر لتمركز قناصة حوثيين اتُّهِموا بقتل عددٍ من المواطنين. ووفقاً للموقع؛ ظل المنزل المهجور رمزاً لمظالم الجنوبيين بين عامي 1994م و2015م حتى حوَّله المتمردون مطلع أبريل الجاري إلى مقر لقنَّاصيهم. وذكر مدير «صحة عدن»، الخضر لصور، أن 13 مدنياً بينهم 3 نساء و3 مسلحين مقاومين قُتِلوا منذ مساء أمس الأول إذ يُشتبَه أن قناصة الحوثيين استهدفتهم، وهو ما لفت إليه مسؤول محلي آخر. ووفقاً لشهود عيان؛ فإن الغارات التي شنتها مقاتلات «عاصفة الحزم» في المدينة أمس طالت رتلاً من الدبابات التابعة للتمرد في عقبة عدن وأسفرت عن إعطاب 3 دبابات. وفي تطورٍ لاحق أمس؛ أفادت مصادر في محافظة الضالع «جنوب» بأن المقاومة الشعبية نصبت مساءً كميناً للمتمردين في ساحة الشهداء الواقعة بمنطقة الجليلة، ما أسفر عن سقوط 8 قتلى. ونُصِبَ الكمين بعد ساعات من مقتل حوثي في هجوم شنَّته المقاومة فجراً على موقع للتمرُّد بالقرب من مبنى المحافظة في منطقة سناح. وردَّت الوحدات الموالية لصالح بقصف ضواحي المدينة بالمدافع الثقيلة وقذائف الدبابات، واستهدف القصف حيَّيْ العرشي ودار الحيد ومنطقتي الجليلة والوعرة. وأفاد مصدر محلي بأن عدداً من المساكن تهدَّم بفعل القصف، بيد أنه لم يسقط ضحايا من المدنيين بسبب مغادرتهم مساكنهم منذ أيام. وفي محافظة لحج «جنوب»؛ أفيد أمس بمقتل اسمين جنوبيين معروفين كانا يدعمان المتمردين في القتال ضد المقاومة، وهما علي حنيش الصبيحي، وثابت العطري. وقال مصدر حكومي في مدينة الحوطة الواقعة في المحافظة إن المعلومات تفيد بمقتل حنيش والعطري في غارة شنتها مقاتلات التحالف أمس الأول بالقرب من منطقة خور عميرة. وعُرِفَ حنيش بممارسة السياسة، أما العطري فشَغَل منصب مدير عام سابق في الجهاز التنفيذي في المحافظة. وشمالاً؛ تعرضت مواقع عسكرية تابعة للحوثيين في صنعاء إلى ضربات جوية مكثفة أمس. وبيَّن شهود عيان وسكان محليون أن الضربات طالت ألوية الصواريخ في منطقتي عُصُر وجبل فج عطان ومعسكر الصباحة وقاعدة الديلمي؛ بعد يومٍ من شن غارات مماثلة دمرت مخازن الوقود المخصصة للصواريخ في العاصمة. وفي صعدة (معقل الحوثيين)؛ شاهد سكان سحب دخان تتصاعد من مواقع بعد تعرضها إلى غارات جوية. أبدى القائم بأعمال سفارة الجمهورية اليمنية لدى المملكة، زين محمد القعيطي، ارتياحه لصدور أمر من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتخصيص 274 مليون دولار لمساعدة اليمنيين إغاثياً عبر الأممالمتحدة، كاشفاً عن لقاءات يمنية – سعودية تجري حالياً في الرياض لاستكمال تشكيل لجنة الإغاثة اليمنية. ووصف القعيطي الدعم السعودي لليمن بقوله «ليس جديداً، لأن المملكة اعتادت دعمنا في السراء والضراء»، مشيداً ب «الجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين في متابعة كل مستجدات الأوضاع في اليمن والحرص على تحقيق الاستقرار هناك، علاوةً على تسهيل كل أمور اليمنيين المقيمين في المملكة». واتهم القائم بالأعمال، في تصريحات صحفية أمس، الحوثيين بالتسبب في الأزمة الغذائية الكبيرة التي يعاني منها اليمنيون حالياً «كونهم قتلوا الأنفس ودمروا الأرض وأدخلوا الشعب في حرب ضروس بعد انقلابهم على الشرعية الدستورية». في الوقت نفسه؛ كشف القعيطي عن لقاءات تجري حالياً بين حكومة نائب الرئيس اليمني، خالد بحاح، والمسؤولين السعوديين لاستكمال تشكيل لجنة الإغاثة اليمنية «التي ستكون مسؤولة عن استيعاب كل الإغاثات التي تصل من الدول العربية والصديقة ومن ثَمَّ إيصالها إلى المناطق المنكوبة والأكثر تضرراً»، مبيِّناً أن الحكومة اليمنية ستعلن لاحقًا تفاصيل رؤيتها نحو تحقيق ذلك. أفاد إحصاء أعدته وكالة الأنباء الفرنسية بمقتل 128 شخصاُ في اليمن خلال اليومين الماضيين بواقع 76 شخصاً قُتِلوا الجمعة و52 السبت. وأشار الإحصاء إلى 9 قُتلوا أمس في كمينين في محافظة الضالع، و16 آخرين في معارك مع الميليشيات في عدن، إضافةً إلى 27 سقطوا في مواجهات في مدينة تعز ليل الجمعة- السبت. ونقلت الفرنسية عن قائد المقاومة المناهضة للحوثيين في الضالع، ناصر الشيبي، أن 9 حوثيين قُتِلوا في كمينين في المحافظة؛ كمين في الشمال وآخر في شمال غرب. وكانت الوكالة أفادت بمقتل 76 شخصاً في اليمن أمس الأول الجمعة.