للعام الثاني على التوالي، تواجه جائزة القطيف للإنجاز موجة سخط في الوسط الاجتماعي بسبب نتائجها النهائية في العامين الماضي والحالي، إضافة إلى استحداث «الإشادة بالعمل» (لم يعلن عنها سابقاً) لتكريم مترشحين لم تصل أعمالهم إلى مستوى الحصول على التكريم، التي عدها متابعون التفافاً على حجب الجوائز. ورفض الأمين العام للجائزة، المهندس عبدالشهيد السني، تسمية استحداث «الإشادة» بالتفاف على عملية حجب الجوائز. وقال ل«الشرق»: «المتبع في النسخ السابقة هو إما أن يفوز عمل أو لا يفوز. هناك بعض الأعمال لا ترتقي للفوز، لكنها تحوي مادة تحتاج للتشجيع، ويحتاج صاحبها للتحفيز، فكان أن أضيفت الإشادة بالعمل كأداة لتشجيع وتحفيز أصحاب هذا المستوى من الأعمال، وليس لهذا علاقة بفوز أحد في مجال هذا العمل أو حجب جائزته»، مشيراً إلى أنه «يمكن وجود فائز وكذلك عمل مشاد به في نفس المجال، ويمكن وجود فائز دون وجود إشادة لعمل آخر، وممكن وجود إشادة بعمل مع عدم وجود فائز في نفس المجال»، مشدداً على أن هذا «لا يسمى التفافا على الحجب»، بل «محاولات لخدمة أهداف الجائزة بشتى الطرق وفتح طرق وأدوات جديدة لخدمة هذا الهدف النبيل المتمثل في إبراز وتشجيع المنجزين». وعن المعايير وآلية التقييم، أوضح أنها «هي نفسها التي تخضع لها الأعمال عند التقييم، لكن ما لم يتمكن منها من الوصول للفوز في هذا المجال أو ذاك، ينظر له نظرة أخرى، لعل فيه ما يستحق الإشادة به». وخلال حفل تسليم الجوائز الذي أقيم مساء الجمعة الماضية، وقع الحضور في لبس، عندما صعد أصحاب الأعمال المشادة بها من قبل لجنة التحكيم، على المسرح ومنحهم وشاحاً ودرعاً على أنهم فائزون، كما وقع الصحفيون في خطأ، نتيجة لعدم الكشف عن أن هناك أعمالاً فائزة ومحجوبة وأخرى مشادا بها، إضافة إلى سوء إخراج الحفل. وكان من بين الأعمال «المشاد بها»، أعمال في مجال الصحافة والإعلام، الذي لم تمنح فيه جائزة. وفي هذا الصدد، قال السني: «في التقارير الصحفية، يوجد عمل أشيد به من قبل لجنة التحكيم، فالجائزة مخصصة للتقارير الصحفية، بينما أكثر المادة التي سلمت يمكن وضعها في خانة الأعمال الصحفية، وهذا العمل الذي أشيد به هو مجموعة أعمال صحفية تمتع صاحبها بقلم متمكن، يمكن له أن يتقدم للأمام حال التفت لبنية التقرير ومحتوى ومادة التقارير الصحفية، حيث يمكن أن تكون تقارير مميزة». وأكد عضو لجنة التحكيم في فرع التقارير الصحفية، جعفر عمران، أن الأعمال الصحفية المترشحة لم تحقق شروط كتابة التقرير الصحفي، بل كانت عبارة عن تغطيات واستطلاعات صحفية أو بحوث علمية، لذا لم يتم ترشيح عمل للفوز، لافتاً إلى أن لجنة التحكيم والمقيمين أوصوا بحجب الجائزة، وتم الإشادة بالعمل الذي يحمل الرقم (116)، «حيث وصلتنا الأعمال بأرقام وليست بأسماء». وأشار عمران إلى أنه كان ينبغي ذكر عبارة «حجب الجائزة» أثناء الإعلان عن الفائزين في فرع التقارير الصحفية، كي يفهم الجمهور أنه لم يفز أي من الأعمال المتقدمة، لأنها لا ترتقي لمستوى التقارير الصحفية، وأن ما تم هو الإشادة بعمل واحد من باب التشجيع بعد أن وجدت أنه الأفضل من بين الأعمال الثلاثة المترشحة.وأوضح أن تقديم وشاح ودرع أوحى للجمهور فوزها بجائزة مسابقة التقارير الصحفية، مفيداً أن حجب الجوائز أمر طبيعي في الجوائز العالمية والعربية، ولا ينقص من قيمة الجائزة، بل إن ذلك يدل على نزاهة لجنة التحكيم. أما عضو لجنة التحكيم في فرع الشعر، الأديب محسن الشبركة، فكتب على صفحته على «فيسبوك»، إن «التنويه ليس فوزاً»، مشيراً إلى أنه ما يعرفه (كعضو لجنة تحكيم)، «أنه ليس هناك فائز بالجائزة من الأعمال التي قدمت للجنة» في مجال الشعر، ولكن هناك إشادة وتنويه فقط بأحد الأعمال المقدمة، «والإشادة لا تعد فوزاً». وشدد على أن منح درع لمن يستحق الإشادة يثير الاستغراب، «طبعاً يمكن أن نكرم من استحق الإشادة والتنويه، ولكن من الخطأ اعتباره فائزاً بجائزة الإنجاز». وعلمت «الشرق» أن عدد الأعمال الفائزة 9 فقط من أصل 20 جائزة تقاسمها 11 منجزاً ومنجزة، فيما تم حجب 11. كما وجهت انتقادات للمنظمين خاصة بتخصيص دعوات لحضور حفل التتويج، ولم يكن الحفل مفتوحاً للجمهور. وعن ذلك قال السني: «لابد من تنظيم للدعوات خصوصاً إذا كان المكان لا يستوعب أكثر من 500 فرد. نتمنى حضور الجميع من المهتمين والراغبين، لكن طاقة المكان الاستيعابية تحتم تقنين عدد الحضور. والحمد لله تمكنا من دعوة عدد من الحضور الرسمي والشعبي والأهلي من مختلف الاهتمامات والاختصاصات بما يمكن الحاضرين من إيصال رسالة الجائزة لمن لم يتمكن من الحضور»، كما كان هناك بث مباشر لفعاليات الحفل «تابعه أكثر من 8000 مشاهد». وكان مؤسس الجائزة، سعيد الخباز، قد طالب إدارة الجائزة بالاستقالة، وجدد مطالبته عبر «الشرق»، موضحاً أنها فشلت في مهمتها، ووصلت بالجائزة إلى ما قبل التأسيس، مشدداً على أنه أكثر الأشخاص الذين يعرفون الأهداف التي بُنيت عليها، وأن المنظومة لو استمرت في أدائها بهذا الشكل سيكون مصير الجائزة الهاوية، حسب قوله. ورد السني على مطالبة الخباز باستقالة إدارة الجائزة، بقوله: «للأخ سعيد أن يقول ما يقول، والأمر لا يحتاج لدعوات استقالة، هناك لائحة تنظيمية نعمل بموجبها، ومن خلالها يتم اختيار أعضاء إدارة الجائزة، فمن لديه الكفاءة والرغبة، (عليه) التقدم للانضمام للإدارة. فإذا كان الأخ سعيد الخباز يرغب الانضمام للإدارة من جديد فأهلاً وسهلاً به في انتخابات العضوية المقبلة، التي ستتم قبل انطلاق النسخة السادسة». وذكر الخباز أن الذي جرى في الدورة الخامسة للجائزة هو الأسوأ؛ لأن الإدارة حاولت إصلاح خطأ حجب الجوائز بالإشادة بالأعمال، «وأعتقد بأنها إهانة للمشاد بهم»، مضيفاً أنه حتى المنوهين بهم لم يعرفوا أن الجائزة تضم قسمين، قسم فائزين وآخر «تنويه»، فالجميع صعد المسرح وكُرّم واستلم الدرع، واصفاً هذا ب«التدليس» و«سد النقص»؛ مشيراً إلى أن ذلك لا يجوز في كل الجوائز العالمية، «7 سنوات مرت على تأسيس الجائزة، وكان يجب أن تكون أكثر نضجاً، لكن مع الأسف». وتابع قائلاً: من المفروض أن تصدر الجائزة بياناً قبل الحفل توضح فيه أن الجائزة لم تصلها أعمال ترقى لدخول المنافسة ومن ثم الفوز، وعليه يتم تأجيل الحفل إذا لم أستطع الوصول إلى منجزين حقيقيين؛ مشدداً على كثرة «الأخطاء الفادحة التي ترتكبها الإدارة تجعلني أجدد مطالبتي باستقالتها، ومشكلتي الكبيرة مع آلية الإدارة لا مع الأفراد لأنهم أصدقاء وزملاء يعزون عليّ». وأوضح الخباز أن 77 متقدماً ومرشحاً نصفهم أطفال، يعطي انطباعاً خاطئاً أن القطيف أصبحت عقيمة من المنجزين من الجنسين، مشيراً إلى أن ذلك لا يخدم الجائزة ولا يخدم أهدافها؛ لأنها تحكي عن شباب منجزين، لا عن أطفال، وهذا لا يسمى إبداعاً، وهناك فرق بين الإبداع والإنجاز؛ لافتاً إلى أن المنظومة الإدارية للجائزة ضيعت بوصلتها؛ «فهم بحاجة إلى وقفة صارمة وصريحة مع الذات والمجتمع الذي يخدمونه».