«إن البنيوية لأدبنا تعتمد على البراجماتية وتدعمها أمور لوجستية تنبثق من قناعات فسيولوجية وتحدها أطر بوهيمية تصب في بوتقة الليبرالية الناتجة عن سلوك سادي نتج في اللاشعور وانبثق منه شعور بغلبة الذكورية كأمر كلاسيكي يقابل الآخر بأبجديات البوهيمية هاربا من الدكتاتورية ومتشبثا ببروتوكولات الفاشية المعادية للإمبريالية» معذرة عزيزي القارئ، لا تضيع دقيقة أخرى من وقتك الثمين في قراءة ما سبق، لأنه لا معنى له ولكنا نسمعه كل يوم وفي كل مناسبة، فهذه المصطلحات هي ما نسمعه دائما من مفكرينا وأدبائنا، وكأنّ الكلام لا يستقيم إلا بها والمعنى لا يتم إلا بها!وأنا مثلك، ممن يطلق علينا مصطلح «العامة» وعندما نحب أن نقرأ أو نستمع لمفكرينا وأدبائنا وحتى بعض شيوخنا نجد أنهم يتشدقون بمصطلحات كهذه ولا أدري لماذا؟هل يريدون إبهارنا بثقافتهم العالية أم يخشون نظراءهم أن يرموهم بالتخلف؟ لا أدري لماذا التقعر ومخاطبة العامة من أمثالنا بهذه المصطلحات التي لا نعرف معظمها؟ لماذا لا يخاطبون الناس بما يفهمون حتى يصل معنى ما يريدون إلى الناس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ حول الكعبة وكانا يدعيان الله بأسمائه وصفاته وكان خلفهما أعرابي فقال يارسول الله: أنا لا أحسن إلا الحمد لله والله أكبر أما دندنتكم هذه فلا أعرفها،فقال صلى الله عليه وسلم: «حولها ندندن». إن مخاطبة الناس بما يفهمون هو أقرب السبل إلى قلوبهم وخاصة عند مخاطبة العامة،إنني أرى سباقا محموما بين الكتاب والمثقفين وحتى المذيعين ومقدمي البرامج، حتى برامج الأطفال، كلهم يميلون إلى التشدق بهذه المصطلحات، ورصها في عرض الكلام.ولا أنسى كاتباتنا العزيزات، حيث تجد في كلام بعضهن، بين كل جملة وجملة مصطلحا جديدا، وطبعا الجمل نفسها تحتوي على مصطلحات آخر موضة! وإلا ما سميت جمل ولا سميت الكاتبة أصلا كاتبة ولا طبل لها أحد! وعندما أستمع إلى كتابنا وأدبائنا في حواراتهم وأرى تشدقهم بهذه المصطلحات أتذكر ذلك النحوى المتشدق الذي مر ببائع فاكهة فقال له: بكم تان البطيختان الخضراوتان؟ فرد عليه البائع: بصفعتين ولطمتين فبأي آلاء ربكما تكذبان! وأقول لكتابنا الأعزاء وأدبائنا الأفاضل وإلى من يشبههم أو يتشبه بهم في استخدام هذه المصطلحات: خاطبونا باللغة السهلة المباشرة، ودعوا الفلسفة والمصطلحات، وعبروا بمعناها حتى نفهم ونستوعب باقي حديثكم، ولا مانع أن تتعاطوا هذا التقعر بينكم أنتم، بعيداً عنّا، ارحمونا من هذه المصطلحات التي أصبحت «بروتوكولا»! واعذرني عزيزي القارئ في ذكر هذا المصطلح «بروتوكول» فقد انتقلت إليّ العدوى من كتابنا الأعزاء.