تعتبر لغة الأرقام الفيصل الدقيق في أكثر المسائل الخلافية على مجمل الأصعدة، لكن يغفل كثير من المتحاورين أو المختلفين هذه اللغة الحاسمة لاعتبارات عدة. سنضع أيدينا على مكامن الخلل لو اعتمدنا على نتائج الأرقام سواء أكانت سلبية أم إيجابية. فما كان منها سلبياً أصلحناه وما كان منها إيجابياً دعمناه. ولذلك أجد في متابعة بعض الكتاب الاقتصاديين راحة فكرية كونهم يعتمدون على الجانب الرقمي في طرح أفكارهم وتحليلاتهم. ولاستشفاف الرأي الناجع أو الإنجاز لا بد من اللجوء إلى اللغة الرقمية سواء على المستوى الشخصي أو الاجتماعي أو أي مستوى آخر، حتى هذا العمود «النحيل» الذي يعبر عن رأي كاتبه ستعرف قيمته من خلال عدد قرائه. قد تكون مؤلمة لكنها تضع ميزاناً دقيقاً يحدد مسار الأشخاص أو الجماعات أو الدول ومع الأسف إننا لا نحتكم لهذه اللغة في أكثر إشكالاتنا المعاصرة. يخفي اليوم بعض قادة المجتمعات النتائج من خلال الأرقام كونها تبين مدى نجاحهم من فشلهم، متخذين الدعاية وصرف عيون الناس عنها بطرق ملتوية وذكية. فالفاشل عادة يبرر دون أن يتطرق للأرقام بينما الناجح لا يتحدث إلا عن الأرقام. لكننا في غنى عن ذلك، ولسنا بحاجة أن نقع ضحية دعاية يمررها علينا مسؤول أو متلاعب، بأيدينا الحل وهو اللغة الرقمية، فمهما صُرف النظر عن النتائج والإنجازات بأي حجة كانت لا تسوغ القبول أو الرفض كما تسوغها نتائج الأرقام؛ ففي نتائجها الدقة المتناهية والحصر لكمية الأخطاء المرتكبة. هناك عدد من المسائل التي لو قمنا بتقييمها من خلال اللغة الرقمية لتغيرت وجهة نظرنا التقليدية السائدة عنها. ابدأ بنفسك وقيّم قوانينك الاقتصادية، وعلاقاتك الاجتماعية، وإنجازاتك الوظيفية بلغة الأرقام، حتماً سترى ما لم تره من قبل.