الكادحون المتعثرون وأصحاب الدخل المحدود الذين يحاولون إصلاح معيشتهم نحو الأفضل وتأمين حياة أبنائهم ولو بمنزل متواضع، والذين يضطرون مُسيّرين لا مخيرين للتعامل مع البنوك والمؤسسات الأخرى في الحصول على قروض مالية أو منتجات مختلفة لإصلاح أوضاع حياتهم المعيشية، إلى هنا والوضع يبدو طبيعيا للكادحين أمثالي ولو أننا نتعرض لعمليات ابتزاز مالية (ولا أحد سائل فينا). أما تلك المؤسسات والبنوك فقد أمّنوا وحفظوا حقوقهم بتلك الأداة المسماة (سِمة) التابعة لمؤسسة النقد السعودي، التي لا تخفى على الجميع خصوصا أصحاب الدخل المحدود المتعثرين. جميلة هي تلك المؤسسة الائتمانية التي تعيد للمؤسسات والبنوك حقوقها عند المتعثرين، ولا اعتراض، فهي حقوق، ويجب أن تُدفع، ولكن وبالمقابل كما لهم الحق في إيقاف مصالح المتعثرين وتحصيلها؛ فكذلك المتعثرون لهم حقوق يجب أن تُراعى بل تفرض على تلك البنوك أو المؤسسات لإنهاء حالة التعثر، التي ضاعت بين تحديثات البنوك والمؤسسات وتحديثات (سمة) التي تعمل على إيقاع تلك المؤسسات المالية وتتجاهل حقوق المتعثرين، حتى بعد التسديد. سيقول أحدكم (ومين قالك تقترض منهم؟) والإجابة بسيطة وعلى قول المثل المصري (إيش جابرك ع المر قال اللي أمر منه). نعود لموضوعنا (سِمة) والتعاملات المالية للأفراد، تعالوا نستعرض حال متعثر أراد أن يستفيد من مؤسسة أو من البنك الذي راتبه لديهم، فعندما تذهب للبنك تريد أن تأخذ قرضا لارتباطات مالية قد غرقت فيها كبناء منزل مثلا، (خصوصا أن بنك التنمية العقاري يسير كسلحفاة عجوز) ليقول لك الموظف لا نستطيع تمويلك حاليا لأنك متعثر في سِمة، تواصلْ معهم أو نعمل لك اشتراكا في سِمة حتى تعرف سبب التعثر وتعالجه، ثم انتظر التحديثات حتى يزول اسمك من القائمة السوداء إن جاز لهم التعبير أو قائمة المتعثرين كما يقولون. المهم: يسرع المتعثر ليتصل بسمه لترد إحدى الفاتنات وتقول لك اطبع كشف فاتورتك بخمسة وعشرين ريالاً كي نعرف ما هو سبب تعثرك (دائرة حكومية بحجم وإمكانيات المملكة تبتز أبناءها مقابل خمسة وعشرين ريالاً، فهل دولة بحجم المملكة بحاجة إلى ذلك المبلغ، ومن متعثر)!؟ -ما علينا-، المهم يطبع ذلك الكادح الفاتورة لمعرفة النتيجة وبعد كشف الستار عن السر الخفي يبدأ ذلك الكادح في رحلة (ماجلانية) لمن يسدد له ذلك المبلغ الزهيد، حتى ترسو سفينته على موانئ السوق السوداء لتبدأ معاناة جديدة مع أصحابها، الذين يسددون لك تعثراتك مقابل مبلغ قد يساوي قيمة ما ستحصل عليه بعد التمويل، ويمكن أكثر، ولكن عزيزي الكادح المتعثر مضطر، ورغما عنه سيوافق ليحمل على ظهره عبئا آخر وابتزازا قذرا لا حول له فيه ولا قوة ليعود لتلك الفاتنة فرحاً مبتهجا قائلا: (خلاص أنا سددت شيلوا اسمي)، لترد بقولها انتظر التحديث، فينتظر المسكين مرددا (يالليل مطولك)، وبعد طول انتظار ومراجعات ومعاناة مرهقة قد تصل لأشهر حتى يطبع فاتورة حساب جديدة بخمسة وعشرين ريالاً ثم يتوجه إلى بنكه الذي يموله مقابل هامش ربح قد يصل لمئات الألوف، بالإضافة إلى خسارته السابقة في السوق السوداء، ليحصل على تمويل لا يصفى له منه سوى القليل. ماذا لو تحررت مؤسستنا النقدية وحررت مواطني بلد الإسلام من ذلك الابتزاز على الأقل بقرار يلزم البنوك الممولة للمقترضين الذين رواتبهم عند تلك البنوك بتمويل المستحقين حسب الأنظمة وتسديد قيمة التعثر وصرف ما تبقى له من قيمة التمويل، ولكن وعلى ما يبدو سيبقى المتعثر سببا في تضخم أرصدة المفسدين.