الرياض – الشرق يودِّع المهتمون بالثقافة والمعرفة مساء اليوم معرض الرياض الدولي للكتاب 2015م، بعد انصرام 9 من أيامه «كلمح البصر»، ليبقى يوم واحد منها، هو اليوم، الذي سيكون فرصة أخيرة لمن لم يتزوَّد بعد بما يضمه المعرض، أو من لم يشبع نهمه بعد من اقتناء «جواهر» المعرفة. حمل المعرض هذا العام شعار «الكتاب.. تعايش»، وشارك فيه أكثر من 915 دار نشر وتوكيل من نحو 29، قدمت 6000 عنوان، ونظمته وزارة الثقافة والإعلام في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض. وعن المعرض، أوضح نائب وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عبدالله الجاسر، في تصريح صحفي، أن الوزارة تبذل قصارى جهودها لإنجاح هذا المحفل الوطني الثقافي العربي، لافتاً إلى أن المعرض – في كل عام- يأخذ وقتاً للإعداد والتأمل ودراسة كل الجوانب المتعلقة بإقامته. وقال: تم اختيار «الكتاب.. تعايش» شعاراً لهذه الدورة ليعكس المرحلة في الوقت الراهن… إذ يتم استشعار رؤية شعار المعرض مما يعكس الواقع المعاش، «وأردنا من خلال شعار هذه الدورة أن نوصل رسالة مضمونها أنه لابد من التعايش مع الآخر، وبالتالي فالكتاب هو أداة مهمة من أدوات هذا التواصل لخلق هذا التعايش، الذي يعكس رؤية الوزارة من خلال معرض الكتاب». وحول البرنامج الثقافي، بيَّن الجاسر أن الوزارة أعدت ترتيبات محددة لصياغة البرنامج لهذا العام، بتكوين «لجنة المشورة الثقافية»، قبل تشكيل «اللجنة الثقافية»، حيث ضمت لجنة المشورة عدداً من المثقفين والمثقفات والمفكرين والمبدعين لكي يجتمعوا في عصف ذهني مثمر، للوصول إلى تصور للبرنامج من ندوات ومحاضرات تلائم الحراك الثقافي، للوصول إلى مواضيع جديدة ومتميزة. أما عن مشكلة مساحة المعرض، فقال الجاسر: ليس هناك شك في أن محدودية المساحة معوق رئيس نحاول من دورة إلى أخرى، أن نتجاوز كثيراً من تأثيره على سير تطوير هذا المحفل الثقافي الكبير، فحاولنا أن نوجد بديلاً من خلال الجامعات، إلا أننا وجدنا أنها لا يمكن أن تكون بديلاً، لما نحتاجه من إمكانات متكاملة، وخدمية مختلفة، إذ لم نجد سوى المساحة الأكبر فقط، التي تتطلب تجهيزاتها ضعف ما تدفعه الوزارة بمركز المعارض الدولي للمؤتمرات، إضافة إلى ما وضعته الوزارة من اشتراطات وتصنيفات للناشر المحلي، ومشاركات المكتبات الناشرة، ومع هذا فلا يمكن أن نحرم الناشر المحلي رغم اهتمامنا بتحقيق البعد الدولي إذ يحظى الناشر المحلي ب 50% من مشاركته في المعرض. وشهد المعرض تقديم برنامج ثقافي بدأ الخميس ما قبل الماضي واختتم مساء أمس، متضمناً محاضرات وندوات وأمسيات شعرية وقصصية، كان من بينها ندوة بعنوان «الملك سلمان.. صناعة الثقافة»، وأخرى بعنوان «جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – في تحقيق التعايش»، وندوتا «الشباب والفنون.. دعوة للتعايش»، إضافة إلى الأمسية الشعرية الخليجية، التي شارك فيها كل من: زاهر الغافري، نشمي مهنا، ومحمد يعقوب. كما شهد المعرض هذا العام زيادة عدد منصات التوقيع، واستحداث ركن بعنوان «ذكرى الراحلين»، يعنى بمن توفاهم الله سبحانه وتعالى من حضور النسخة الفائتة من المعرض، إلى جانب اعتماد تكريم داري نشر في ختام الفعالية، إحداهما سعودية وأخرى عربية، وفق معايير محددة تشمل التنوع، ومدى مساهمتها في خدمة المجتمع، كذلك تم التوسع فيما يتعلق بثقافة الطفل، بتخصيص مجموعة من ورش العمل والتدريب والمحاضرات التعليمية والتثقيفية من متخصصين في هذا المجال. وكانت جمهورية جنوب إفريقيا ضيفة شرف المعرض هذا العام، وشاركت في عدد من فعاليات المعرض، من بينها ندوة «الثقافة في جنوب إفريقيا: جذورها وروافدها وخصائصها»، شارك فيها كل من: باتادوة أم تويا، نريد كومالو، ولونجي زابي. وقال سفير جنوب إفريقيا لدى المملكة، محمد صادق جعفر، إن مشاركة دولته في المعرض تأتي «تأكيداً للعلاقات القوية التي تربط البلدين، وسعياً لدفع هذه العلاقات إلى الأمام»، معتبراً المشاركة بمنزلة إعلان لبداية علاقة ثقافية جديدة. وأضاف أن «التنوع الثقافي ركيزة أسياسية لأي حضارة وحافزاً كبيراً للتعايش بين الشعوب، كما أنه حافز للوحدة، ونحن نتمتع في دولتنا بتنوع الثقافات بسبب الاختلاف الديني واللغوي، فلدينا أكثر من 11 لغة رسمية، وهناك تشابه كبير بين ثقافتنا والثقافة العربية من هذه الناحية والدليل تعدد القبائل في كلا الثقافتين». وأطلقت إدارة المعرض، هذا العام، أسماء 37 منطقة أثرية على ممرات المعرض، في لفته تكريمية تعريفية بهذه المناطق، بعد أن اعتادت في النسخ السابقة على تكريم الأشخاص من الساحة الثقافية. وكانت ممرات المعرض تأخذ أسماء المناطق البارزة في بداية كل ممر، من خلال لوحة تحمل اسم المكان الأثري ليصبح الممر كاملاً معروفاً بهذا الاسم، الذي تردد على ألسنة الزوار عند وصف مواقع دور النشر لبعضهم بعضاً. وبرزت أسماء مواقع أثرية شهيرة في مختلف مناطق المملكة مثل جدة التاريخية، والدرعية التاريخية، وقصر حاتم الطائي، وقرية الفاو، وبركة العقيق، وبئر حما، وقلعة شمسان، وميناء الشعيبة، ووادي تثليث، وجبل عرفاء، وقرية بدا، وبئر هدّاج، ومسجد جوثا، وقرية ذي عين، وغيرها من المناطق التي ضربت بجذورها أعماق التاريخ.