تواصلت مساء أمس الأول فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الرياض الدولي للكتاب، المقام حالياً في العاصمة تحت شعار «الكتاب.. تعايش»، بعقد ندوتين، الأولى بعنوان «الثقافة في جنوب إفريقيا.. جذورها وروافدها وخصائصها»، والثانية بعنوان»جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – في تحقيق التعايش». وتطرَّق المتحدثون في الندوة الثانية إلى النهج الذي سار عليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الحوار، مرتكزاً على الثوابت السياسة للمملكة، التي أرساها والده الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن. وشارك في الندوة كل من أمين عام مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان، الدكتور فيصل بن معمر، ورئيس الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان، محمد السماك، وأمين عام منظمة الدين من أجل السلام، ويليم فندلي. واستذكر ابن معمر خلال الندوة، الخطاب الأول للملك عبدالله بن عبدالعزيز، إبان تأسيس مركز الحوار الوطني، والأهداف التي حملها الخطاب المتضمنة نبذ التعصب والغلو والتطرف، وضرورة إيجاد بيئة صالحة لإبداء الرؤى الحكيمة والنيرة، بما يضمن التضييق على الفكر الإرهابي المنحرف، منوهاً بدوره في أخذ الحوار من مفهومه السائد آنذاك، واقتصاره على النخبويين وقادة الرأي، والذهاب به إلى فضاءٍ الأوساط الاجتماعية والثقافية. من جانبه رأى السماك أن مبادرة الحوار بين أتباع الأديان، كانت ترياقاً لعقول تصورت المملكة والإسلام والمسلمين عناصر ثابته في التطرف والإرهاب، ورداً على كل من ادعى ذلك، وفتح الآفاق أمام العلاقات الإنسانية، التي جعلت المملكة نموذجاً عالمياً في بناء أسس الحوار. بدوره، استرجع ويليم فندلي في حديثه قصة الدعوة التي وجَّهها له الملك عبدالله بن عبدالعزيز لعقد المؤتمر العالمي للحوار، واصفاً تلك الدعوة بالرسالة العميقة منه لشعوب العالم للبحث عن السلام والتعايش السلمي وفق القواسم الإنسانية المشتركة التي تجمع عليها الأديان السماوية والثقافات والحضارات المختلفة. ولفت النظر إلى اللقاء الذي جمع الملك عبدالله بن عبدالعزيز ببابا الفاتيكان بنيدكت السادس عشر، وما حمله اللقاء من صورٍ جميلة ومعانٍ عميقة تؤكد أن التعاون والتفاهم والعلاقات الإنسانية لا تعني أبداً أن يتخلى كل طرف عن معتقداته الدينية. وفي الندوة الأولى، أوضح الصحفي والروائي نريد كومالو، أن دولة جنوب إفريقيا تضم 80% من الأعراق المختلفة، ولديهم 11 لغة رسمية، مما يدعو البعض إلى الاستغراب والتساؤل كيف يتم التعامل معهم بصفة متساوية على النطاق الرسمي الحكومي، مشدداً على أن ذلك جعل للبلاد قوة مؤثرة في المنطقة، بل واحدة من أكثر الديمقراطيات استقراراً في القارة الإفريقية. وشارك في الندوة إلى جانب كومالو، نائب وزير الثقافة والفنون في جنوب إفريقيا، ثيابي سيقوتي، والمحاضر في جامعة أم القرى الدكتورة نادية خوندنه، وسفيرة الثقافة في جنوب إفريقيا، باتادوة أم تويا، التي شددت على أن المثالية في المساواة العرقية تحققت بفضل جهود مطالبات الرئيس نيلسون مانديلا، فأصبحت الدولة ذات مجد ونجاح، وسادت في المجتمع المواءمة والسلام من خلال دستور نشأ من تلك المثاليات، التي تجسدها المصالحة وبناء الأمة والوحدة. وأوضحت المحاضِرة في جامعة أم القرى، الدكتورة نادية خوندنه، أن الأدب في دولة جنوب إفريقيا كان حاضراً وبشكلٍ ملحوظ وفاعل، فيما يتعلق بالعنصرية ونبذها، مما جعل الجامعات هناك تعطي بعض الروايات التي تناولت هذا الموضوع كدروس ومناهج.