أصبح التنظير لدينا وظيفة من لا وظيفة له، خصوصاً مع توافر بيئة خصبة لذلك في مواقع التواصل الاجتماعي والمجالس ودوائر العمل التي أصبحت نافذة واسعة لإبراز تلك المواهب العقيمة!! حيث إن مجمل هؤلاء المنظرين من غير أصحاب التخصص، وليسوا على اطلاع إلا بالقشور فقط وليسوا على دراية أو علم بأبجديات ما يتحدثون عنه، لكنهم يستخدمون «الثقل» المتصنع كما لو كان ذلك إشارة للذهانة والفراسة والعلم مثلاً!! فمعظمهم فاشلون علمياً وعملياً وحتى اجتماعياً ولذلك يشعرون بالنقمة على أولئك الناجحين من حولهم، كما لو كان نجاحهم سببا لفشلهم، أو نجاحهم يعد بمنزلة تهديد لهم ولمكانتهم وتعرية كفاءتهم، وربما أيضاً كان حقداً شخصياً لا مبرر له. حيث تكون مهمتهم فقط التنظير والتقليل من أعمال غيرهم دون أن تكون لهم أي منجزات سوى تتبع أعمال وعثرات غيرهم والانتقاص منها وتحويل إيجابياتهم لسلبيات. فالناجحون لا يتحدثون عن أنفسهم بل أعمالهم ومنجزاتهم هي التي تتحدث عنهم. بعكس المنظرين فلن تجد لهم أي منجزات عملية أو شخصية وإن وجدت فتكون غالباً بالارتقاء على الآخرين أو صناعة نجاحات وهمية!! حيث تجدهم متقلبين ومتلونين حسب المصالح والأهواء وحسب مستوى الأحقاد الداخلية. ولعل الفراغ بأنواعه سواء كان فراغاً في مهمات العمل المكلف به أو فراغاً اجتماعياً، وحتى أيضاً الفراغ العاطفي يكون دافعاً للتنظير السلبي والنظر في أعمال غيرهم والانتقاص منها كونه ليس لديه ما يشغله وعليه تجد أن من يعمل ويبدع ويقدم النجاح تلو النجاح لا يجد الوقت للنظر أو للالتفات لتلك التُرَّهَاتٌ التنظيرية حيث إنهم منغمسون فيما هو أهم. ففي كل مجال من مجالات الحياة هناك من يحاول إيقاف نجاحك، وإن لم يستطع فسيحاول على الأقل تشويهه، فلا تلتفت لهم ودع أعمالك تتحدث وترد بالنيابة عنك.