قام العاطلون عن العمل من ذوي الشهادات العليا بتصعيد خطير ضد الحكومة المغربية، بعدما أقدم أكثر من مائة شخص باقتحام مقر الأمانة العامة للحكومة في العاصمة الرباط، في خطوة تصعيدية تضع هيبة الدولة في الميزان؛ لما تحمله الأمانة العامة من رمزية في القاموس السياسي والحكومي. فبعد اقتحام العديد من الوزارات ذات الصلة بملف العاطلين، واقتحام المقر المركزي لحزب الاستقلال، على عهد الحكومة السابقة، التي كان يقودها عباس الفاسي، ومحاولات اقتحام مقر حزب العدالة والتنمية، بداعي أنه يقود الحكومة الحالية، جاء الدور على الأمانة العامة للحكومة، التي شهدت في ساعة متأخرة من أمس الأول اقتحام المبنى من طرف العاطلين. ولم يكتف هؤلاء بالاقتحام فقط، بل هددوا بإحراق أنفسهم ما لم تستجب حكومة بنكيران إلى مطالبهم، المتمثلة في التوظيف المباشر في الوظائف العمومية، وشهد محيط المبنى إنزالاً أمنياً، خاصة أن ما يقارب أربعمائة آخرين كانوا يسعون إلى دخول المبنى والاعتصام داخله. وبعدما فشلت لغة الحوار وإقناع المقتحمين بالخروج من المبنى، تم اللجوء إلى خراطيم المياه والهراوات لفض الاعتصام، حيث أصيب العديد من العاطلين إصابات متفاوتة الخطورة، كما أصيب عدد من أفراد الشرطة، واعتقل حوالى سبعين شخصاً منهم، واستمرت مطاردة المعتصمين إلى فجر أمس، حيث تم تمشيط الشوارع والأزقة من العاطلين الذين هددوا بالتصعيد، في تحدٍّ واضح لحكومة بنكيران. وبرّر العاطلون خطوة التصعيد بسبب ما أسموه بسياسة الحكومة، المتمثلة في التراجع عن الوعود المتعلقة بفتح حوار جاد ومسؤول مع أطر التنسيق الميداني. ويطالب التنسيق الميداني، الذي يضم «الشرارة» و»تنسيقية الكفاح» ومجموعة «طريق النصر» وتنسيقية «المرسوم الوزاري 2011»، بالإدماج المباشر والفوري في أسلاك الوظيفة العمومية، وإلغاء كل المراسيم والقوانين التي تحرم الأطر العليا، من دخول سلك الوظيفة العمومية بشكل مباشر. وكانت التنسيقيات الأربع الموقعة على محضر 20 يوليو 2011 ناشدت الملك محمد السادس بالتدخل لإيجاد حل عادل ومنصف لتسوية ملفاتهم. وفي بيان لها، حصلت «الشرق» على نسخة منه، دعت التنسيقيات الأربع الحكومة بالتسريع بعملية توظيف الأطر العليا؛ تفعيلاً لمقتضيات محضر 20 يوليو 2011، وفتح قناة تواصل من أجل طيٍّ نهائي لملف الأطر العليا العاطلة عن العمل. وكان عبدالإله بنكيران أكد في مجلس الحكومة، أمس الأول، أن «برنامج الحكومة لا يمكن تنفيذه بالخضوع للضغوط٬ وأن الحكومة ستكون قوية من خلال إعطاء كل ذي حق حقه٬ وليس بالخضوع لهذه الضغوطات»، مضيفاً أن الحكومة ليست خصماً لأي طرف في المجتمع٬ بل هي مكلفة بالإشراف على شؤون جميع المواطنين٬ مشدداً على أن أسلوب الضغط ولي الذراع لا يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق المطالب.