لم تعد أساليب ممثلي إيران في الوطن العربي ذات تأثير شعبي، فقد مل الناس هذا الاستجداء الإعلامي والنفاق السياسي لجلب مزيد من الداعمين لهم، لذلك أصبحت خُطب حسن نصرالله فارغة من المضمون والتأثير، وهو يحاول أن يقنع الشعوب العربية بأنه صمام الأمان ضد إسرائيل بالصراخ طبعًا كعادته، وكان كثير من السذج يعتقدون بما يقول حتى أظهر الوجه الآخر، عندما لوى عنقه إلى الشام ملطخًا يديه بدماء السوريين، ثم أتانا اليوم عبد الملك الحوثي الذي يسير على خطى نصر الله حتى في طريقة خطابه، ليقنعنا أنه أتى ليصنع من اليمن دولة مؤسسات مستقلة بقرارها السياسي، ويطمئننا بأنه سيدافع عن المملكة والخليج فيما يخص الإرهاب كما يقول هو وطغمته الإعلامية. وهو يذكرني بالمقولة المشهورة للوزير النازي جوبلز «اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس» التي لم تعد ذات جدوى على من يتخذها منهجاً لبرنامجه السياسي حيث عرفها الناس جيدًا. بغض النظر عما يقوله عميل إيران، فاليمن أصبح اليوم مرتعا للبؤر الفاسدة متمثلة في الحوثيين وفلول النظام السابق، والمتضرر من ذلك هو شعب اليمن فقط وأقول فقط، لأن مجال تلك العصابات هي حدود اليمن ولاغير، وإن كانت بعض أقاليمه أيضا عصية على تلك العصابات، لعدم قدرتها على إدارة البلد بالشكل الذي يريده خامنئي، لأن اليمن غير لبنان الذي تمارس به صلاحياتك السياسية عبر الضوء الأخضر الإسرائيلي، ولأن اليمن لا يمكن أن يكون «دولة» تغلب فيه طائفة على أخرى التي تحتاج إلى تدخل خليجي، ولأن اليمن ليست نسخة من سوريا تحكمه عصابة طائفية منذُ سنين طويلة تدين ل«قم» بالولاء، ولأن اليمن ليس عراق اليوم الذي يشترك مع إيران بحدود ليست قصيرة، تسمح للحرس الثوري أن يجعل تلك الحدود جسراً يقودك من خارج الفناء إلى داخله، لا يمكن لأي طغمة أن تحكم اليمن دون أن تصافح اليد الخليجية وخصوصًا المملكة العربية السعودية. حيث من المعروف أن أي بلد يعاني من وطأة اقتصادية، لابد أن تشوبه الخلافات السياسية، هذا إن لم يكن يدين لدولة ما بالولاء السياسي قادرة على الإنفاق ولها أجندات توظفها من أجل التدخل في ذلك البلد، سواء كانت سياسية أو دينية أو اجتماعية، أو أن تكون على حدود ذلك البلد، ولا أعتقد أن ذلك يتوفر لإيران التي هي أيضا تحتاج لمن تُدين له بالولاء السياسي كروسيا وغيرها. ثم إن اليمن يقبع على صفيح ساخن تتجاذبه الأحزاب الممزقة والقبائل المتناحرة والبيئات المختلفة والأقاليم التي تنادي بالانفصال، مايجعل تلك العصبة عاجزة عن قول كلمة الفصل. إن المتضرر اليوم من الإرباك السياسي الذي أحدثه الانقلاب هو الشعب اليمني، وهو الوحيد القادر على وأد ذلك الانقلاب الإرهابي الذي يقوده عملاء طهران، وإلا سيبقى اليمن على نار مشتعلة ولن يستقر أبدًا، حيث لن تسمح الدول الخليجية أن يكون في خاصرتها تلك الفئة الباغية التي لاتفقه حتى العمل السياسي.