ارتدَّ حرق الطيار الأردني، الملازم معاذ الكساسبة، عكسياً على تنظيم «داعش» الإرهابي. وبعد أن حاول التنظيم دفع الحكومة الأردنية إلى التراجع عن المشاركة في التحالف الدولي المستهدِف إزالته في العراقوسوريا، قررت عمَّان توسيع مشاركتها في أعمال التحالف. وتُرجِم هذا التوسع أمس بالإعلان عن إغارة طائرات سلاح الجو الملكي الأردني على مواقع ل «داعش» في سوريا. وذكر مصدر حكومي أردني أن «الطائرات الأردنية أغارت على مواقع للتنظيم وعادت إلى قواعدها سالمة». في هذه الأثناء، بثَّ التليفزيون الرسمي خبراً مفاده أن «مقاتلات سلاح الجو الملكي عادت بعد تنفيذ مهمتها، وهي تحلِّق الآن في سماء عمّان والكرك» التي يتحدر منها الطيار الكساسبة. وتؤشر هذه الغارات التي أتت بعد يومٍ من حديث ملك الأردن عن شن حربٍ بلا هوادة ضد الإرهابيين؛ على نيات أردنية لتوسيع المشاركة في التحالف الدولي الذي تشكَّل نهاية الصيف الماضي وللرد بقسوة على حرق الكساسبة. ولم ينجح «داعش» على ما يبدو في استغلال خلافٍ في وجهات النظر بين الملك عبدالله الثاني وقطاعٍ من الأردنيين كان ينظر بتشكك إلى هذه الحرب ويرى أنها ليست حرباً للأردنيين. ولوحظ في الساعات التي تلت الإعلان عن مقتل الطيار؛ تقاربٌ لافت بين توجهات الرأي العام الأردني والإجراءات الحكومية التي استهدفت الرد، وحلَّت دعوات الرد العنيف على «داعش» محلَّ دعوات كانت اتهمت الحكومة بالفشل في استعادة الكساسبة. وزار الملك الأردني بلدة عي في الكرك أمس لتقديم العزاء إلى عائلة الطيار، غداة إعلان أسرته تأييد إجراءات الدولة والتحالف لمحاربة المتطرفين وتدميرهم. وبدا أن الأردنيين تجاوبوا للغاية مع دعوة الملك إياهم لوقوف صفاً واحداً خلف النظام والجيش. ومنحت حالة التوحُّد هذه؛ الحكومة صلاحية توسيع مشاركتها في التحالف الدولي، في وقتٍ رفع فيه العشرات صوراً للملك والطيار في عمَّان. وتزامنت زيارة الملك بلدة عي في الكرك مع تحليق الطائرات التي نفذت مهام هجومية في سوريا في سماء هذه البلدة. وكان أول إجراء ردت به عمَّان هو إعدام السجينين المحسوبين على التيارات المتطرفة ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي فجر الأربعاء وبعد ساعات من إعلان مقتل الكساسبة، لتتلاشى بذلك فرصة إخراجهما علماً أن «داعش» طلب إطلاق سراح الريشاوي مقابل الحفاظ على حياة الرهينة الأردني. وأفيد عن نقل سجناء متشددين آخرين إلى سجن في عمَّان تُنفَّذ فيه الإعدامات، ما يعني أن «داعش» خَسِرَ واحدة من أوراقه التي كان يمكن أن تجلب له مزيداً من الدعم في الأوساط المتشددة، ويتعلق الأمر بإخراج سجناء في إطار صفقات. ولم يُنظَر في الأردن لإعدام الريشاوي والكربولي على أنه إجراء انتقامي، ونقل مراسلون صحفيون رضا الأردنيين عن هذه الخطوة. والريشاوي انتحارية عراقية شاركت في تفجير 3 فنادق في عمَّان في سنة 2005، وحُكِمَ عليها بالإعدام إلا أن الحكم لم يُنفَّذ إلا الأربعاء. أما الكربولي فاعتُقِل في سنة 2006 على يد القوات الأردنية بعد قتله سائقاً أردنياً في العراق. ويتوقَّع المحلل السياسي، عريب الرنتاوي، أن تواصل عمّان التصعيد في حربها ضد «داعش» ب «مطاردة قاطعي الرؤوس ومشعلي النيران في أوكارهم وجحورهم، كي يرقى الرد إلى مستوى الجرح الغائر في قلب كل أردني». إلى ذلك، أطلقت السلطات الأردنية أمس أحد زعماء تنظيم القاعدة، أبو محمد المقدسي، بناءً على أوامر الادعاء، ويُعرَف المقدسي بخلافه الشديد مع «داعش». تابع أيضا: