كنشيدٍ للتشظي، يتهدهد في موسيقاه قوافل الموت التي تسوق إنسانيتنا كل يوم إلى العدم، وبصوتها العذب الذي يتمرد على اليباس فيُحيي حواسنا الكامنة، والمدثرة بالضجيج، تُغني أميمة الخليل قصيدة «ظلالنا» -ألبوم زمن- من ديوان نحّات الريح للشاعر هاني نديم، التي يبدأ مطلعها برؤية عرّاف هَرِم تبدو كالصدمة «سيأكل تمره الصنم» في ارتدادها بنا للعصر الجاهلي، تتوالى دلالات أزمنة عدة في ذكرها للأوس والخزرج، المعتصم.. إلخ لتصل برؤيتها لزمننا الحاضر «خرائطُنا تُبدل كل يوم والحدود دمُ» هذه الرؤى الشعرية المتكررة «ستنكرُ، سنَصغُرُ، سينزحُ… إلخ» التي كُتبت عام 2005 تبدو واقع الأمة العربية والإسلامية اليوم «سنطلب رأسنا حيا، ويطلبنا ونختصم، نظن ظلالنا خصما، نقاتلها وننهزم… إلخ» هذهِ القصيدة أو القراءة الاستراتيجية الموجعة في وصفها لحالة التشظي التي تمر بها الأمة في جمعها، ومُفردِها، لحال إنسانها المقهور في حاجته، المقموع في إنسانيته، تُحيلها الموسيقى -التي أبدعها الملحّن «باسل رجوب»-، إلى طائر يجوب البلاد، ينظر أحوالها، ولا يحط بها، متمرداً على الرداءة، والانحطاط الذي ينعكس على الفن كشكل من أشكال التعبير الجمعي، وصوت جريء واحد، لأحوال ورغبات خجولة ومُتعددة. هنا لا نجد أغنية لإنسانٍ عاشق لحبيبته، أو لوطنه، هنا أغنية لهذا لإنسان الفرد المعَولم المفَتت والمتَفَتِّت والملتبس «وتحمل لاءها نعم»، هنا براديغم أو نموذج غنائي جديد لعصرٍ يضج بالانقلابات والتحوّلات بدءاً بالبيئة الطبيعية وانتهاءً بإنسانها. هذهِ القصيدة تتحول بصوت أميمة الخليل لفُسحة تأملية، ودعوة موسيقية لقراءة أوجاع الذات، أوجاع الآخر الذي نختلف أو نتفق معه، أوجاع هذا الجمع المتشظي، قراءة صامتة نقوم بها في عُزلة من أوهامنا، على وقع وتر الإنسان والتاريخ والحضارة. التي نُبيدُها جميعاً ونحن «نظن ظلالنا خصماً.. نُقاتلُها وننهزمُ».