مرت الانتخابات البلدية في المملكة بمرحلتين خلال العقد الماضي، وكانت المرحلة الأولى في عام 2005م، والمرحلة الثانية في عام 2011م، وكانت كل مرحلة مختلفة عن المرحلة الأخرى من حيث الزخم الإعلامي والاهتمام الشعبي. ففي المرحلة الأولى دخل عديد من المشاهير ورجال الأعمال والشخصيات العامة في الانتخابات كمرشحين وكناخبين، وشهدت زخماً إعلامياً كبيراً، وحجزت صور المرشحين مساحات جيدة من إعلانات الصحف، وفي الشوارع الرئيسة. ونستطيع القول إن الانتخابات البلدية في المرحلة الأولى دخلت إلى كل بيت بالمملكة، وكانت أقرب إلى الاحتفالية منها إلى الانتخابات، فقد كانت الخيام منصوبة في الأحياء والموائد تقدم طيلة فترة الانتخابات، كما رافقتها عديد من الفعاليات الترفيهية والأدبية والأمسيات الشعرية. غير أن هذا الزخم والاهتمام الشعبي بقضية الانتخابات تراجع بشكل كبير في المرحلة الثانية عام 2011م، ونظمت انتخابات المرحلة الثانية دون أي اهتمام وفي أجواء صامتة وشبه مقاطعة في الأيام الأولى للتصويت، بعد أن شاهد الناس نتائج أداء المجلس في دورته الأولى، بالإضافة إلى إصدار وزارة البلديات قرار الصوت الواحد، الذي يجبر الناخب على أن يصوت لمرشح واحد من دائرته الانتخابية، وتحديد المهام والأدوار القانونية للمجالس البلدية، حتى لا تشهد انتخابات المجالس الصراعات، التي شهدتها في الدورة الأولى، خصوصاً بعد إعلان نتائج فرز الأصوات وفوز قوائم انتخابية محددة كانت محسوبة على تيارات فكرية معينة. فتحديد المهام والأدوار للمجلس كشف للمجتمع حقيقة إمكانات أعضاء المجلس وصلاحياتهم، وماذا يستطيعون أن يقدموا، بعكس ما كان يطرحه المرشحون في الدورة الأولى، التي جعلت بعضاً منهم يقدم وعوداً انتخابية كما يجب أن نسميها وليست برامج انتخابية كما يسميها البعض، تفوق حتى إمكانات وزارة البلديات، وما زلت أذكر بعضاً من تلك الوعود، التي كانت تعكس مدى جهل هؤلاء المرشحين بطبيعة عمل المجالس البلدية، ولو أردت أن أسردها الآن لكانت محل تندر لكثير من القراء، وهم لا يلامون طبعاً بسبب حداثة التجربة وعدم تحديد الأدوار والمهام لتلك المجالس بشكل واضح قبل بداية انتخابات المرحلة الأولى، فكانت المرحلة الثانية بعيدة جداً عن التوهج الإعلامي والاهتمام الشعبي. وبعد أن أعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية الأسبوع الماضي، عن تفاصيل إجراءات وضوابط مشاركة المرأة السعودية في العملية الانتخابية لانتخابات أعضاء المجالس البلدية كناخبة وكمرشحة، بما يكفل للمرشحة حق الحصول على تراخيص لحملتها الانتخابية الموجهة للناخبين والناخبات والوسائل نفسها، التي يحق للرجل استخدامها، يمكن أن يعود هذا التوهج الإعلامي للانتخابات البلدية، ليس بسبب تغيير نظرة المجتمع تجاه المجالس البلدية وأهميتها أو أنها أصبحت لديها أدوار وصلاحيات تفوق المجالس السابقة، ولكن بسبب وجود المرأة هذه المرة، فوجود المرأة في مجتمعنا في أي قضية لا بد أن يعطيها الاهتمام الشعبي المطلوب ويعيد لها الوهج والاهتمام من وسائل الإعلام.