يندهش الزائر لمهرجان الوفاء الثامن في سيهات بمحافظة القطيف من القرية التراثية بتصميمها المعماري الفريد الذي أبرز التنوع والغنى الكبير للتراث المعماري المميز في منطقة الحجاز، بشكل متقن، بدءاً بالدكاكين التجارية وانتهاءً ببيت عمدة الحارة. ودهشة الزائر ستزداد أكثر عندما يقترب من هذا المنظر البديع الذي امتزج بروح الترحيب الحجازية. المدير التنفيذي للحارة المكية الحجازية هناء العلي، أوضحت أن هذه الحارة ليست ضمن مشروع جدة التاريخي؛ بل إن الصدفة لعبت دوراً في ذلك؛ تقول «هدفي من إقامة مثل هذه الحارة في المنطقة الشرقية هو تعريف الجمهور بالتراث الحجازي العريق، كونه رمز الحضارة والتقدم منذ القدم، ثم الانتقال به إلى باقي مدن المملكة والخليج العربي». وأضافت «وظفتُ العناصر والمواد الإنشائية التي تمثل هوية منطقة الحجاز مكة، وجدة، والمدينة المنورة، والطائف، والتميز المعماري لمبانيها التراثية، من رواشن (شبابيك)، ومفردات معمارية، خصوصاً المشربيات التي تكسو واجهات المباني، التي تم تنفيذها بشكل يحاكي الواقع بكل تفاصيله وكان أكثر دفئاً، إلى جانب تقسيم البيت المكون من مجلس الرجال، بجلسته المرتفعة، ومجلس النساء بجلسته الأرضية، والمطبخ (المركب)، ودورة المياه (بيت الأدب)، وغرفة النوم. وقالت إن الحارة بمبانيها الحجازية ودكاكينها وشخصياتها تجسد الحياة في الحجاز قديماً، وتهدف إلى ترسيخ تراث الحجاز القديم، كما تعرض يومياً مشاهد تمثيلية لشخصيات الحارة الحجازية للعمدة والمسحراتي والسقا والعسة وفرقنا، إضافة إلى الحكواتي، مشيرة إلى أن أسلوب التجسيد لاقى استحسان عديد من الزائرين في الحارة، واتضح ذلك من خلال استفسارات الزوار من الأطفال والكبار عن كل شخصية. وأوضحت أن شخصية العمدة بعمامته المكية تولى سرد تاريخ البيوت الحجازية، وما تحويه من جلسات وغرف ومطابخ ومقتنيات كانت تستخدم فيه قديماً للزوار، بأسلوب مريح كالروح الحجازية، لافتة إلى أنه أهم شخصية في الحارة، ويقوم بدور حل المشكلات بين السكان وتوفير احتياجات البيوت وتوزيع الصدقات على الفقراء. وذكرت أن جمهور الشرقية محب للتراث جداً، ولم يكن من المستغرب أن تلقى الحارة الحجازية قبولاً لديهم، نظراً لتقارب بعض الثقافات وإن اختلفت المسميات وطرق بناء المنازل واقتناء المقتنيات، موضحة أن البيت الحجازي يحاكي الطبقات الاجتماعية ما بين المتوسطة والعالية، المتمثلة في بيت العمدة، وأغلب مقتنياته شبيه بالتراث الشامي والتركي. وأشارت إلى أن التراث الحجازي وحده «جنادرية»، ويحتاج إلى أن يعرفه أبناء الوطن، لتنوعه الغني، وأرجو أن أوفق في نقل رسالتي ذات القيمة الجمالية والفنية للآخرين. يُشار إلى أن الحارة المكية جزء من القرية التراثية التي تضم أيضاً السوق الخليجي ويعرض مهن أهالي الخليج بشتى أنواعها في تداخل تراثي جميل، يجمع بين ثقافة الساحلين للمنطقتين الغربية والشرقية.