أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور الشيخ أسامة خياط، أن الخطوة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإصلاح بين قطر ومصر أغلقت أبواباً من الخصومات والخلافات بين إخوة أشقاء، ليرجعوا إلى ما فيه من الألفة واجتماع الكلمة على ما أمر الله به (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). وأكد في خطبة الجمعة أمس من المسجد الحرام أن الإصلاح بين المتنازعين والتقريب بين المتخاصمين من الإخوة في الدين يعد باباً من أبواب الخير الذي يحبه الله ورسوله ويدعو إليه ويحث على ذلك بأبلغ عبارة وألطف إشارة مع جميل الموعود عليهما (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، وقد وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين إلى الأخذ بهذا النهج الإسلامي السديد في الإصلاح بين الإخوة في الدين، فتولى أمر الإصلاح بين البلدين العربيين المسلمين ورعى جهود الوساطة الخيرة بينهما، فكان سعيه وعمله مشكوراً. وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لإصلاح ذات البين منزلة رفيعة ومقاماً كريماً، وجعل إصلاح ذات البين أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، فالإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين. وأشار إلى أن استجابة قادة هذين البلدين العزيزين للمبادرة، دون إبطاء، وتعاونهم تعاوناً طيباً كريماً يدل على رغبة قوية في إشاعة الخير وإعادة المياه إلى مجاريها، حرصاً على المصالح العليا للأمة عامة والبلدين العربيين المسلمين خاصة، ولإرساء قواعد يُحتذى بها في إصلاح ذات البين وإنهاء الخصومات، والقضاء على الخلافات، وإعادة روح المودة والتصافي والتآخي الذي يحبه الله ورسوله ويأمر به ويحث عليه، ويعد العاملين على إحيائه والحفاظ عليه بالأجر العظيم والثواب الحسن والدرجات العلا، وهو سبحانه وتعالى أكرم من أعطى وأجود من أثاب وأسخى من وهب. وفي المدينةالمنورة تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي، عن أهمية التوكل على الله في السر والعلن، وأنه سلاح المؤمن الواثق بالله تكفيه المكائد والمصائب بإذنه سبحانه. وتناول في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد النبوي أمس معنى قول (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) مفصلاً معانيها ودلالاتها، مبيناً أنها كلمة عظيمة تحمل جليل المعاني وروعة المضمون وذات تأثير قوي، فالحسيب من يعدّ عليك أنفاسك ويصرف بفضله عنك بأسك، وهو الذي يرجى خيره ويكفي بفضله ويصرف الآفات بقوله، وهو الذي إذا رفعت إليه الحوائج قضاها وإذا حكم بقضية أبرمها وأمضاها، مستشهداً بقوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي كافيه في أمور دينه ودنياه الكافي عبده همومه وغمومه. وأشار إلى أن كل كفاية حصلت فإنما حصلت به سبحانه أو بشيء من مخلوقاته، وكل كفاية حصلت بمخلوقاته فهي في الحقيقة حصلت به (وَنِعْم الْوَكِيْل) نعم المتوكل عليه في جلب النعماء ودفع الضر والبلاء، والوكيل الذي توكل بالعالمين خلقاً وتدبيراً وهداية وتقديراً، الوكيل الذي يتولى بإحسانه شؤون عباده فلا يضيعهم ولا يتركهم ولا يكلهم إلى غيره، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين). وأوضح الثبيتي أن (حسبنا الله ونعم الوكيل) أي هو حسب من توكل عليه، هو الذي يؤمن خوف الخائف ويجير المستجير، وهو نعم المولى ونعم النصير، فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه انقطع بكليته إليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه، ومن خافه واتقاه أمنه مما يخاف ويحذر وجلب إليه كل ما يحتاج إليه من المنافع، مستدلاً بقول الله عز وجل (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) فلا تستبطئ نصره ورزقه وعافيته فإن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدراً لا يتقدم عنه ولا يتأخر. وبيّن أن العبد إذا نزلت به نكبة وألمّت به مصيبة وقال (حسبي الله ونعم الوكيل) تفرغ قلبه من كل شيء إلا الله وحده يحسّ حينها المكروب المبتلى في قرارة يقينه وقلبه أن الأمور بيد الله فتهون عليه الهموم مهما بلغت والكربات مهما وصلت، ولذا قال داعية فرعون (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، وقال يعقوب عليه السلام (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ). واستطرد فضيلته يقول إن (حسبي الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار فغدت برداً وسلاماً على إبراهيم، وقالها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قالوا له (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) فزادهم إيماناً وانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، لما فوضوا أمورهم إليه واعتمدوا عليه أعطاهم من الجزاء 4 معانٍ النعمة والفضل وصرف السوء واتباع الرضا، فرضاهم عنه ورضي الله عنهم. وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أنها تعني تفويض الأمر إليه سبحانه بعد الأخذ بالأسباب، فلا يطلبون الشفاء إلا منه ولا يطلبون الغنى إلا منه ولا يطلبون العزة إلا منه، فكل أمورهم متعلقة بالله رجاءً وطمعاً ورغبة، وهو الدعاء الذي حفظ الله به عرض عائشة رضي الله عنها، فقالت حين ركبت الدابة (حسبي الله ونعم الوكيل) فنزلت آيات البراءة والطهر.