البحوث الشرعية المتداولة حالياً في المدونة الإسلامية لا تبحث في جميع القضايا الواردة في النصوص الدينية، فكثير من القضايا المتعلقة بالقيم تقع خارج بحوث العلم الشرعي، بل بعضهم يعترض ويسوؤه الأمر عند بحث أي قضايا متجددة وملامسة للواقع. التجدد الديني لا شك أنه يجب أن ينطلق من خلفيات دينية ترتكز في حركتها التنويرية على روح التراث الديني وعدم حذف جزئيات من الدين لإرضاء فئة على حساب فئة أخرى، حيث أن بعض العلماء والباحثين يحاولون إزاحة الظاهر ليصلوا إلى الرسالة التي تختفي وراء هذا الظاهر، التي تمثل جوهر الدين وتنفع جميع الأزمنة والأمكنة وجميع الأوضاع والأحوال. فهناك إشكالية تتمثل في فصل ظاهر الدين عن باطنه، وهذه المهمة من شأن المثقفين الدينيين الذين يتعاملون مع العلم الشرعي، وإن لم يقوموا بهذا العمل وجمدوا على الظاهر ففي هذه الصورة لا يفهم الناس في هذا العصر خطابهم الديني ولا يقبلونه. الألفاظ والكلمات الواردة في الكتاب والسنة ينبغي استخراج الرسالة الأصلية للدين منها، فعندما يبحث عالم مقتدر بمسوغات البحث المحققة والمعروفة، التي أصبحت دلائلها لا تخفى على أحد، فلا يحق أن يرد إلا بالحجة، وهذا إن حصل ففي حد ذاته دليل على أن هناك حراكاً دينياً تثقيفياً نقدياً نشطاً لا يمتاز به إلا المجتمع الواعي. العلماء كثر والباحثون كثر، لكن هنالك عالماً يرى الحق فتكفيه الرؤية وينعم بها، وعالماً آخر يرى الحق فلا يستريح حتى يغير الحياة وفق ما يرى، وهذا هو العالم المتكامل مع المجتمع والعنصر العضوي فيه، يؤدي وظيفة ليست تفسيرية فقط لحال المجتمع اللحظي بل تنويرية أيضاً. لأن التفسير الديني يتيح حل المشكلات الباطنية للناس قبل حل مشكلاتهم الخارجية، ومن هذه الجهة يكون التفسير للدين متوجهاً إلى العلم الباطني للإنسان لتحريره من كل العناصر السلبية التي تشده إلى الأسفل أو تعزز لديه حالات التوتر والضياع، وبالطبع لكي يتوافق مع ما هو ظاهر.