من جديد تحاصرنا السينما في مشهد كاريكاتيري ساخر تعدّاه الزمن وجلس على تلة تاريخه متفرجاً العالم. ولكن -رغم ذلك- ليس لنا إلا أن نرفع «العُقِل»، والقبعات، ونحيي الجهود الكبيرة التي يبذلها الفنانون، متحدّين العقبات التي تطرأ عليهم بين حين وآخر في سبيل تحجيم حراكهم الفني أو القضاء عليه. من الواضح بأن قرار فتح دور للسينما لم يعد مجدياً، فقد تجاوزه التاريخ، خصوصاً بعد كل التقدم التكنولوجي في مجال الصورة التليفزيونية المتاحة في المنازل وفي الاستراحات وفي المقاهي، مع تحفظي الشديد على المقاهي لأنها -حسب الصحف المحلية- بدأ الخناق يضيق عليها في اختيار بعض المواد المعروضة بحيث لا تتعدى الرياضة وأخواتها. قبل ليلتين، افتتح في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء مهرجان الأفلام القصيرة الأول للشباب، وسيتلوه مهرجانات متتالية في أكثر من جمعية على مستوى المملكة، منها، الدمام، والأحساء، والرياض، وجدة، وجازان، وحائل، في خطوة تمهيدية لتعميم التجربة على ست عشرة جمعية. وقبل هذا الحدث بأسبوع احتفلت قناة روتانا الفضائية بتوزيع جوائز الفائزين بمهرجان الفيلم السعودي، وقبل هذا وذاك كان مهرجان أبو ظبي السينمائي الذي كان للسعوديين فيه نصيب الأسد، حيث فاز فيلم «حورية وعين» من إخراج السعودية شهد أمين بجائزة أفضل فيلم روائي قصير في مسابقة «أفلام الإمارات» الذي حكّم فيه الفنان السعودي إبراهيم الحساوي. ولو ألقينا بنظرنا ناحية المهرجانات السينمائية العربية والعالمية سنواجه أسماء مهتمة بالسينما كتابة وإخراجاً وتمثيلاً. إذا هنالك عمل حقيقي على الأرض رغم غياب الحامل الثقافي والدعم المؤسساتي. المفارقة أنه في الوقت الذي يضع منظمو الأسابيع الثقافية في وزارة الخارجية الأفلامَ السينمائية ضمن أجندتهم الأساسية، فيستضيفون السينمائيين السعوديين ليكونوا واجهة المملكة الثقافية للعالم، في الوقت نفسه تلفت بعض الجهات الرسمية انتباه بعض الجمعيات والأندية إلى أنهم عرضوا فيلماً سينمائياً! أعتقد أن جحا أولى «بعرض فيلمه».