من السخف مجرد الاعتقاد بأن (داعش) تملك من القوة العسكرية والحذاقة اللوجستية ما يؤهلها لابتلاع أقاليم وتكسير عظام أعتى الجيوش، وكل من يومئ بذلك مؤكد له مآرب أخرى! لكن هذا لا يعني أنها خلوٌ من أسلحة أكثر فتكاً، فهي تملك خطاباً ممنهجاً (مدلساً) تمرره بحرفية إعلامية، ونحسب ذلك هو السلاح المزدوج الذي تراهن عليه، إذ لا يخفى على الجميع أن جُل المرتمين في أحضان داعش هم من فئة الشباب من الجنسين استُدرجوا للخطاب الداعشي واستمالهم بوصفهم يعانون فراغاً دينياً وتيهاً مصيرياً، وربما بؤساً واكتئاباً سمِّهِ ما شئتَ فتلك العلل والخواء والضبابية تجعل منهم وعاءً مشرئباً للتعبئة، فهؤلاء وأولئك عندما تؤمّن لهم سياقات تشبع شبقهم الروحي وتغذي توقهم لمصير يقيني كالظفر بالجنة فلن يتوانى أحدهم في أن يجعل من جسده قنبلة واستطراداً لن يتردد قيد أنملة في القتل والجز. نكرر: إن قوة داعش تكمن في استغلال تلك الفئة العمرية المتعطشة إلى حد اللهاث لملاذ عقدي آمن كما تصوره لهم الآلة الداعشية. السؤال المشروع: ما المطلوب للجم وتحييد خطابهم، لاسيما ونحن نزخر بعلماء دين أجلاء معتدلين، فضلاً عن وسائل إعلام أكثر من أن تُحصى؟ أوليس الأجدى أن نصيغ خطاباً يدحض ويفند خطابهم؟ واستتباعاً أوليس الأجدر أن ندبج براهين ودلالات من وحي ديننا الحنيف تحرم الإرهاب وكذا مفاهيم مشروعية الجهاد وغيرها من اعتقادات مغلوطة توهموا -وإن شئت أوهموا- أنها تدخلهم الجنة بينما هي تفضي بهم إلى جهنم وبئس المصير؟! خلاصة القول: إن التحدي الحقيقي للزمرة الداعشية هو إبطال مفاعيل خطابهم وفضح مزاعمهم التي يغسلون بها أدمغة الشباب، ومتى استطعنا -وهو ليس بمستعصٍ- بمقدورنا القول إننا في الطريق الأسرع والأنجع لاجتثاث الدواعش ومن لفَّ لفَّهم.