لم تكن أخبار الأسبوع الماضي على المستوى التجاري المحلي مما يمكن أن يغادر الذاكرة الاجتماعية، حينما نشرت الصحف المحلية والإلكترونية إجراءات وزارة التجارة التي تمثلت في تعقبها ورصدها لمجموعة مخالفات تجارية لبعض الشركات والمتاجر المخالفة في عرض أسعار أوهمت المتسوقين بوجود تخفيض، فيما كان السعر بعد التخفيض هو أكثر من السعر الأصلي لبعض السلع على أقل تقدير. وفيما أبدى المواطنون والمقيمون رضاً كبيراً لمثل هذه الإجراءات التجارية، وراحوا في صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي يثنون على مثل هذه الخطوات، التي تأتي ضمن مسيرة الوزارة في تعقب وإيقاف مهزلة الغش التجاري التي صارت في كل السلع تقريباً، من الإبرة إلى المجرّة. وكثير من السلع المغشوشة أضرارها بالغة إذ تصل إلى الموت، وفي ذلك أكبر المخاطر على حياة الناس، ففي سوق قطع غيار السيارات مثلاً، قد يعطيك البائع 4 أنواع لكوابح السيارة، وغالباً لا يمكن للمشتري أن يعرف الجيد من السيئ من هذه الأنواع، وربما يقع في حيرة، فكل الفوارق قد تتمثل شكلياً في لون الكرتون، فبين أزرق قاتم، إلى ما هو فاتح بدرجة أقل، وفاتح بدرجة أكثر، ولذلك يكون قرار المشتري بناء على نصيحة البائع، وكذلك على السعر الذي قد يختاره غالباً بين ما هو أعلى أو أقل سعراً، وبين ما سعره يأتي في المرتبة المتوسطة من بين أسعار القائمة. وفي أداء وزارة التجارة في تتبع أنظمة التكييف القديمة وتسويق الأنواع الحديثة الموفرة للطاقة صورة واضحة في مستوى الجدية والصرامة في تطبيق النظام، إذ وصل الأمر إلى إتلاف كل الأجهزة التي تخالف الأنظمة الجديدة. إن ظاهرة الغش التجاري في كل العصور هي واحدة، فحينما يخلط الأعرابي اللبن بالماء ويسعى لبيعه بأنه لبن خالص لذّة للشاربين، هي نفس الحالة حينما عرض حملة تخفيضات آخر العام الميلادي، كما حدث ويحدث باستمرار في أماكن تجارية كثيرة، وكل يدّعي وصلاً بليلى/ وليلى لا تقرّ لهم بذاكا. وما هو مهم هنا هو تنامي مستوى الشفافية الذي يتطلب جهوداً وحرصاً على تنفيذ ونشر مبادئها، وفي نفس الوقت يتوجب ظهور دور ملموس من جهات تهتم بحماية المستهلك فعلاً، وتتعاون مع وزارة التجارة في ذلك، فإن ظهور جمعيات لحماية المستهلك ضمن مؤسسات المجتمع المدني صار أمراً ملحاً في المرحلة التي تغوّل فيها مفهوم الاستهلاكية في عصرنا، وصارت مصانع الدول مثل الصين وغيرها تنتج من كل صنف مجموعة أصناف فرعية، تتشابه في الشكل تقريباً، فيما تفترق في الجودة والقوة والمتانة، فالكسب للدول والمصانع والتجار، والضرر يقع على المستهلك. ومع كل الشكر الذي قدمه كثيرون لجهود وزارة التجارة، وبإشراف مباشر من معالي وزير التجارة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، إلا أن أملاً أكثر يراودنا باتساع دور أجهزة مكافحة الغش التجاري، وبتفعيل بروتوكولات تعاون مع المؤسسات التي تتبنى حماية المستهلك من أي استغلال أو غش تجاري، وفي الحديث الشريف الصحيح أنه: « من غشّنا، فليس منّا».