بعضهم يعتقد أنه من «البريستيج» في التعامل مع الآخرين أن يكون عاقداً الجبين كمن يلعك الليمون!! حاداً، صلفاً، جافاً، لا يلين!! ويبرر ذلك -إن تقبل السؤال عن السبب- بأن الناس لا يحترمون إلّا من يخافونه ويخشون ردود أفعاله!! فهم يحسبون ألف حساب لذاك الذي يراهم بعلوٍ وبطرفٍ من العين، ذاك الذي تشعره الابتسامة بالألم في عضلات وجنتيه، فالوصول إليه هدفٌ لا يتحقق للجميع، والحديثُ معه مكسب لا يوازيه مكسب وفرصةٌ لا تعادلها فرصة، وفخرٌ لا تضاهيه مفخرة!! حتى وإن كان -كما يقول المثل- الأحذية الفاخرة في داخلها جوارب ممزقة!! لقد تغيرت المفاهيم وانقلبت الموازين، فالبساطة وإيثار الناس ومصالحهم على النفس جزء من القصص المشوّقة في التاريخ، والتواضع إرثٌ ماضٍ ليس له تفسير إلّا الضعف!! هكذا يظن بعضهم وإن كانوا كُثراً وفي تزايد مطرد. هل هذا هو واقعنا بالفعل؟ هل وصلنا إلى هذا الحال باختيارنا، أم وجدنا أنفسنا فجأة داخل الدائرة رغماً عن الأنوف؟ في الماضي لم تكن الحاجة للمساعدة -أياً كان نوعها- العلامة الأبرز عند مقابلتنا أي مسؤول أو صاحب مقام! لذا لم تكن الابتسامة الصفراء والحاجة للبريستيج المزعوم والغلظة في التعامل رائجة، غير أنها -أي الحاجة- تسببت في تغيير المفاهيم وجعلتها سياجاً للحماية! أو قد يكون اللاوعي في فرض الاحترام صار إلى ذلك سبيلاً! لو أدرك هذا (البعض) الخيط الرفيع بين الخلل في المروءة والتواضع الذي كان عليه نبي الأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- لما تجللوا الكبر واستتروا به!! كي لا تظهر مناقبهم المنفّرة!! فنكتشف أن نظامنا الرسمي لا يدرك مفهوم الانتقاء المهني!!