يعتقد حملاوي عكوشي أمين عام حركة الإصلاح الوطني في الجزائر أن الظروف مهيأة ليحوز الإسلاميون في الانتخابات المقبلة على أغلبية المقاعد في البرلمان، ويخشى من وقوع التزويرالذي يفسد هذا الاستحقاق و الذي يراه مصيريا. وينتظر الجزائريون موعد الانتخابات المقبلة في مايو القادم على أمل أن تكون انتخابات حرة ونزيهة وينتج عنها برلمان يقود البلاد إلى حالة من الديموقراطية التي يعتقد الكثير من المراقبين أنها أجهضت قبل أكثر من عشرين عاما بعد فوز جبهة الإنقاذ وإنقلاب العسكريين عليها. * ما هي الشروط التي ترونها كفيلة بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات؟ - في كل نشاطاتنا ندعو إلى ضمانات حقيقية وليس شكلية، بداية على رئيس الجمهورية أن يضمن نزاهة هذه الانتخابات وتكفل بذلك علنا أمام المواطنين، وعلى أساس ذلك دعونا إلى إصدار مرسوم رئاسي يضمن نزاهة الانتخابات حتى لا تتغول الإدارة، وكذلك من الضمانات التي أكدنا عليها الإشراف القضائي الذي طالبنا أن يكون الفيصل في هذا الموضوع وتكون الإدارة بعيدة عن إدارة الانتخابات، وبطبيعة الحال رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات يترأسها قاض لا تعينه أي جهة من الإدارة، وكذلك طالبنا بأن تكون الرقابة حاضرة في مختلف أطوار العملية الانتخابية، وحتى في غرفة إعلان النتائج المركزية، فضلا عن الحضور الشعبي الذي يعاين هذه الانتخابات من بدايتها إلى نهايتها، دون ذلك سوف تتسع الخروقات أو الهوة بين السلطة والشعب وليس هناك ما يجسّر هذه الثقة. * الغريب وفي كل موعد انتخابي ترفع أحزاب المعارضة أصواتها قبل تنظيم الانتخابات لتتحدث عن تزوير نتائج الانتخابات، ما مدى مصداقية مثل هذا الكلام، وكيف ذلك؟ - الأحزاب المعارضة متخوفة وتتحدث عن التزوير وتحذيرنا الآن من التزوير يدل على أن الانتخابات سوف تكون مزورة قطعا ولذلك دعونا إلى جبهة موحدة من كل الأحزاب التي ترفض التزوير شكلا أو مضمونا أمام حزبي السلطة (جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي) فهما جزء من السلطة وهما الذان قاما بالإدارة والتحضير للانتخابات ولهما باع طويل في تزوير الانتخابات، والإدارة تحكم في هذه الأحزاب وهما شيء واحد وسوف نجد تعتيما وتضييقا على الأحزاب التي تدعو إلى شفافية الانتخابات ونزاهتها وأن تنبثق مؤسسات الدولة من الإرادة الشعبية، ونحن في حركة الإصلاح على سبيل المثال لما أردنا أن نقوم ببعض النشاطات الحزبية نجد أن بعض المنتخبين من أحزاب الموالاة يحرموننا من القاعات أو القيام بحملة انتخابية مسبقة. * تباينت مواقف بعض الأحزاب من بقاء الحكومة الحالية أو رحيلها وتعويضها بحكومة حيادية، ما هو موقف حركة الإصلاح الوطني؟ - نحن من دعاة رحيل الحكومة لأنها حكومة متحزبة ورئيسها أشرف فيما مضى على الانتخابات ورأينا ما حدث من تزوير فاضح، والأغلبية الحالية مفبركة ومزورة، لذلك نحن ندعو إلى حكومة حيادية، تسهر على تحضير العملية الانتخابية. في حال التزوير سنعلن نتائجها الحقيقية. * ما مدى جاهزية حركة الإصلاح الوطني للانتخابات، وفي حال عدم توفر الشروط التي ذكرتها سابقا هل ستقاطعون؟ -نحن لسنا من دعاة المقاطعة من حيث المبدأ ولكن إذا وجدنا أن السلطة تمارس الإقصاء والتهميش، وكل الممارسات القديمة السلبية، فسوف ندعو إلى جانب جبهة مقاومة التزوير أن يضاف إليها من يقوم بحماية هذه الانتخابات، كما ستقوم هذه اللجنة بإعلان نتائج الانتخابات الصحيحة غير نتائج السلطة، وسوف نرفض هذه النتائج وسنبقى نشنعها كونها مزورة. * ما هي حظوظ حركتكم في هذه الانتخابات؟ - يبدو أن البعض لا يلاحظ القوة الكامنة في حركة الإصلاح الوطني فقد تعرضت إلى عدة مشكلات ولكن بفضل الله تجاوزتها جميعها، وهي الآن منسجمة في قيادتها وفي قواعدها، وذاهبة إلى الانتخابات وتبحث عمن يشاركها أفكارها للدخول في قائمة موحدة. * بمناسبة حديثكم عن موضوع القوائم الموحدة ما هي الخطوات التي تم إنجازها على هذا المستوى أم لازالت مبادرة التحالف الإسلامي على مستوى الفكرة؟ -حركة الإصلاح الوطني من الدعاة الأوائل لجمع الأحزاب الإسلامية القريبة من بعضها، وحاولت كثيرا على هذا المستوى، فتحاورت وتناغمت وتشاورت مع هذه الأحزاب وتدعو باستمرار من خلال نشاطاتها أن تدخل الأحزاب الإسلامية في قوائم موحدة ومازلنا نعمل من أجل ذلك الى آخر يوم قبل الانتخابات. وهناك مشاورات حثيثة للدخول في قوائم موحدة مع مختلف الأطراف الإسلامية القريبة منا، وأتوقع أن هذه المبادرة ستكلل بالنجاح، بإذن الله. * ألأ تخشون أن دخول أحزاب جديدة في الانتخابات من شأنه أن يشتت الوعاء الإسلامي، خاصة وأن الشيخ جاب الله مؤسس جبهة العدالة والتنمية رفض هذه الدعوة؟ - نحن لا يهمنا من ينكفئ على ذاته ويعمل على الذهاب بمفرده إلى الانتخابات، كما لا يهمنا من يتأخر، ولكن نقول إن ذلك ليس خادما لمشروعنا ولقضيتنا المشتركة، وما الذي نستفيد – من أنانية أو غير أنانية – أن نمزق الوعاء الانتخابي، وبعد ذلك لا نحقق الغرض المطلوب في الوقت الذي ينتظرنا إخواننا في تونس والمغرب ومصر والكويت الذين نجحوا في انتخابات حرة ونزيهة ينتظروننا تحقيق إنجاز مماثل، وإذا لم نكن في قائمة موحدة لتحقيق هذا الإنجاز نعود إلى سابق عهدنا ولا يقع التغيير ولا مناخ سياسي جديد من شأنه تعميق الديمقراطية، ونعتقد أن القائمة الموحدة للإسلاميين، هي رغبة شعبية وإسلامية وإقليمية؛ ولذلك فالتغيير القادم سوف يكون على أيدي الإسلاميين أو لن يكون. * هل تعتقد أن الظروف الموضوعية ترشح أن يتصدر الإسلاميون في الجزائر المشهد السياسي بعد عقدين من التجربة السياسية؟ -لم يثبت أن الإسلاميين في الجزائر كانوا في مؤخرة الترتيب بل على العكس من ذلك كانوا في كل انتخاب في الصدارة لولا التزوير، فقد فازوا في 1991، وفي 1995، عندما فاز الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله أمام الجنرال اليامين زروال في انتخابات الرئاسة، وإذا لم يكونوا في الطليعة فإن ذلك تم بفعل فاعل، أي بسبب التزوير، ونحن نعتقد أن الشعب الجزائري واع والصحوة الإسلامية تعمل لصالحه والإسلامين في الجزائر سيحققون أكثر ما حققه الإسلاميون في دول الجوار. * كيف تقرأ الاضطرابات التي هزت العديد من الأقطار العربية تحت مسمى الربيع العربي، ومؤخرا الأحداث الدامية في سوريا؟ - الربيع العربي هو نقلة نوعية للأمة العربية، وهبة ويقظة لا تضاهيها إلا يقظة التحرر من الاستعمار في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ومن ثم فهي سوف تأتي في مجملها بالخير العميم لبلدانها وسوف تنتقل العدوى إلى كل بلد عربي. الجزائر دولة محورية مرت الجزائر بظروف صعبة بسبب المنعطفات الخطيرة التي مرت بها منذ 5 أكتوبر 1988 (احتجاجات اجتماعية) أي أنها لم توفق في كل المراحل التي قطعتها واليوم نجدها تسير عكس التيار، فهي من المقاومين للربيع العربي مما يخلق توترا كبيرا في الساحة السياسية وذلك لن يؤدي إلى المرجو مما يجب أن تكون عليه الجزائر، والإصلاحات لم تكن موفقة لأنها كانت فوقية وفي الأفق ليس هناك ما يدل على وجود تغيير، والإصلاحات كما هو الشأن عندنا أعادتنا إلى نقطة الصفر، ولو قيض الله سبحانه وتعالى للجزائر أن تسلك خطا مستقيما منذ 5 أكتوبر 1988 لكانت قدوة للعديد من الشعوب التي تحاول تغيير أوضاعها السياسية نحو الأحسن، والذي نتمناه في هذه الانتخابات أن تعقد الجزائر العزم على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وتؤسس القواعد لبرلمان يمثل حقيقة إرادة الشعب ويعمل على تعديل الدستور بما يخدم البلاد والعباد. وخطاب الرئيس بوتفليقة بمناسبة استدعاء الهيئة الناخبة من حيث الشكل فهو مقبول، من حيث تأكيده أن الانتخابات المقبلة ستكون مصيرية والدعوة إلى حياد الإدارة وشفافية الاقتراع، ومنع المسؤولين من استخدام وسائل الدولة في الحملة الانتخابية، ولكننا نرى ذلك غير كاف إذا لم يقرن بالعمل من خلال إصدار مراسيم وتعليمات صارمة تشدد على حياد الإدارة، إلى جانب مرسوم يوضح طبيعة الإشراف القضائي مع الرقابة الشعبية للانتخابات.