يواصل الحوثيون توسعهم في المحافظات الشمالية من اليمن، في ظل تجاهل وصمت حكومي، وأمس انتشر مسلحو الحوثي في شوارع مدينة ذمار بعد أن سيطروا على مدينة الحديدة التي تقع على البحر الأحمر، وهو أول وصول للحوثيين إلى البحر. المراقب للوضع في اليمن جنوبا وشمالا يلاحظ أن الدولة اليمنية أصبحت على شفا الانهيار بعد انهيار الجيش، وفي الوقت نفسه صعد سكان الجنوب ليبدأوا اعتصامات يقولون إنها ستؤدي إلى الانفصال واستعادة دولتهم التي فقدوها طيلة ربع قرن من الزمن. أسئلة وشكوك كثيرة عن كيفية انهيار الجيش وذوبان المؤسسات في اليمن ومستقبل البلاد، طرحتها «الشرق» على عضو لجنة الحوار الوطني الدكتور عادل شجاع الدين، الذي أوضح أن الصمت مريب من طرف السلطة اليمنية والولايات المتحدةالأمريكية، إضافة للصمت الدولي والإقليمي عما يحدث في اليمن مع انقضاض الحوثيين على الدولة، وانتشارهم في جميع المحافظات. وقال شجاع إن ما يجري في اليمن سيناريو يبدو أنه متفق عليه بين عديد من الأطراف المحلية والدولية والإقليمية، وسيمضي فيه الحوثيون إلى النهاية. وأكد أن الحوثيين كأقلية عقائدية تستخدم السلاح، لن تستطيع السيطرة على هذه المناطق الواسعة من اليمن، حيث بات الحوثيون يسيطرون على مناطق يقطن فيها ثلثا سكان اليمن. الدكتور شجاع يقول: «الحوثي أكل الطعم»، وسيجد نفسه في مواجهة محتومة مع القاعدة من جهة ومع القوى الوطنية اليمنية من جهة أخرى. وأشار شجاع إلى أن اليمن سيتعرض في هذه المرحلة إلى حرب بين طرفين لا يمثلان مشروعا وطنيا لليمن، هما القاعدة والحوثيون، وكلاهما يعمل وفق أجندته الخاصة. واعتبر شجاع أن كل طرف «القاعدة والحوثي» مدعاة للطرف الآخر، وأشار إلى أن وصول الحوثيين إلى البيضاء التي تعتبر وكرا للقاعدة في المحافظات المجاورة مثل شبوة وأبين وحضرموت وإب، يعني أن الصدام بدأ وأن عليه أن يواجهه ويتحمل الكلفة. ووصف الدكتور شجاع أن ما حصل للجيش اليمني هو انهيار كامل، محملا مسؤولية تفكك الجيش اليمني إلى الرئيس عبدربه منصور هادي ومبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر، تحت مسمى «إعادة الهيكلة». ووصف ما حدث بأنه تدمير للمؤسسة العسكرية، وشبه ما حدث في صنعاء مع دخول الحوثيين وانهيار الجيش اليمني بما حدث في بغداد مع دخول القوات الأمريكية وانهيار نظام صدام حسين والجيش العراقي. وحول المشروع الحوثي في اليمن وهل يمثل مشروعا وطنيا قال شجاع، إن الحوثي لا يملك أي مشروع سياسي أو وطني خاص به، ومشروعه مرتبط بالمشروع الإيراني في المنطقة. وأضاف شجاع أن الإيرانيين لن يستطيعوا تحمل كلفة ما سيجري في اليمن ولا يهمهم أصلا ذلك بالمعنى الاستراتيجي، وأضاف أن الإيرانيين يسعون للاستفادة من تقدم الحوثيين آنيا والاستفادة من ذلك في ملفات أخرى، ورفض شجاع تشبيه العلاقة بين إيران والحوثي، بالعلاقة بين إيران وحزب الله اللبناني التي تعتمد على العقيدة وولاية الفقيه. وأكد شجاع أن إيران تدرك تماما أنها لا تستطيع أن يكون لها موطئ قدم في اليمن، وإنما هم يريدون تحقيق المكاسب السياسية بشكل سريع ليس أكثر. أشار شجاع إلى أن الأغلبية في اليمن هي الكتلة الصامتة ويمثلها حزب المؤتمر الشعبي العام، ويجري تجاهل لهذه الكتلة إقليميا ودوليا. وأكد أن هذه الكتلة قوية جدا. وأكد شجاع ردا على سؤال هل سيتعاون سكان المناطق مع الحوثيين؟ أن لا أحد سيتعاون مع الحوثي ما عدا بعض الجهات التي ترى في تعاونها مصلحة لها قدمتها على المصلحة الوطنية. ووصف شجاع هذا التعاون بأنه جهوي ومؤقت ناتج عن تصفية حسابات سياسية مع الآخر ولن يستمر إلى ما لا نهاية. وعبر شجاع عن اعتقاده أن السلطة الحالية لن تصمد طويلا ولا مستقبل لها، فهي التي فككت الجيش وتعمل على تفكيك الدولة، وتوقع أن يغادر الرئيس هادي باتجاه الجنوب ويتخذ من عدن عاصمة جديدة له بعد إعلان إفلاس سلطته في الشمال، واستكمال سيطرة الحوثيين على ما تبقى من المحافظات اليمنية. وقال إن الحوثيين سيزحفون إلى تعز آخر المحافظات اليمنية الشمالية. وحول ما يجري في الجنوب اليمني ومحاولة قادة الحراك الجنوبي الاتجاه نحو الانفصال وإعادة دولتهم التي فقدوها منذ ما يقارب ربع قرن، أكد شجاع أن الانفصال لن يكون سلسا إذا حدث. واتهم الرئيس هادي مجددا بأنه له يد طولى في ذلك، لكنه استدرك وقال إن هادي ليس اللاعب الوحيد وليس مقبولا في الجنوب، والجنوبيون يحملونه مسؤوليات كبيرة عما حدث قبل ربع قرن في مناطقهم. وأكد شجاع أن الرئيس هادي يساعد اعتصامات الجنوب اليوم وقدم لهم عبر وزير دفاعه خياما للمعتصمين، ما يعني أن الوضع سيطول، وربما تحدث صدامات مع الدولة أو ما تبقى منها، وأشار إلى أن الجنوب ليس حكرا على الحراك الجنوبي وقادته السابقين. ونوه إلى الدور المهم الذي يلعبه المتشددون في تنظيم القاعدة، إضافة للحركة الصوفية وهم يشكلون تيارا مهما في الجنوب. وأوضح أن المتشددين لهم أجندتهم الخاصة بإقامة دولتهم الإسلامية على طريقتهم، وهذا ما يفسر أن انفصال الجنوب لن يكون سهلا، بل ستحدث صدامات مع الحراك والسلطة أو ما تبقى منها عاجلا أو آجلاً.