طالعتنا أمس وسائل الإعلام الدولية بتقارير مؤسفة تفيد بقيام بعض المجموعات الثورية المسلحة بتفجير خطوط الكهرباء في المنطقة الشرقية بليبيا، وهو ما صاحبه تحذيرات لخبراء ومختصين في صناعة الطاقة والكهرباء من خطر انهيار أبراج شبكة الكهرباء وتعرض الليبيين للظلام الدامس. إن الحديث عن خلاف وتباين بالمواقف بين جماعات ثورية تحركت للتخلص من النظام السياسي السابق، بحثاً عن الحرية والديمقراطية، لا يبرر لتلك المجموعات، الإقدام على استهداف البنية التحتية، ما يعطل شرعية الانتقال والتحول السياسي في هذا البلد المنكوب، الذي بدلاً من أن يقدم نموذجاً للحرية والعدالة الديمقراطية، أصبح يشكل خطراً حقيقياً على السلم والأمن الدولي والإقليمي، بعدما تحول إلى بؤرة للإرهاب وتصدير السلاح إلى الجماعات التكفيرية والإرهابية، التي تهدد حدود الدول المجاورة في تونس والجزائر ومصر، وكذلك تهديد أمن المجتمعات الأوروبية عبر الضفة الأخرى من المتوسط. إن الفرقاء السياسيين في ليبيا مطالبون اليوم بالانتصار للوطن، وليس لمذاهبهم الدينية أو قبائلهم أو معتقداتهم الأيديولوجية، خاصة بعدما دانت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بشدة أمس ما سمته تصاعد العنف الأخير في البلاد، لاسيما في مدينة بنغازي، وما رافقه من إفراط في استخدام السلاح بين الثوار المتقاتلين، ما تسبب في إراقة مزيد من الدماء وإلحاق الدمار بالممتلكات العامة والخاصة. إن الواجب الوطني يحتم على الأشقاء في ليبيا، خاصة الأطراف المشاركة في القتال في بنغازي ومصراتة وطرابلس وطبرق، الإنصات لنداءات البرلمانيين المنتخبين من الشعب الليبي، والتحلي بضبط النفس، والعمل معاً لمعالجة خلافاتهم من خلال الوسائل السلمية، لتحقيق وقف فوري للأعمال العدائية المسلحة. إن وقف إطلاق النار وأعمال العنف هي أفضل هدية يمكن أن تقدم للشعب الليبي بمناسبة عيد الأضحى المبارك، فاللجوء للعنف، وإلى لغة السلاح، وسفك الدماء وتدمير البنية التحتية، لا يمكن أن يحل مشكلات ليبيا، وأي حل قابل للتطبيق لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الحوار السلمي.