طالعتنا الأربعاء الماضي صحيفة الحياة بتحقيق ميداني جريء عن دواعش البحرين، قام به الصديق عبدالله الدحيلان في مغامرة قادته الصدفة المحضة لها. ولأن المعلومات قليلة جداً عن طبيعة الكائنات الداعشية التي انبعثت من العصر الحجري، أصبح أي تحقيق يدخل لكهف النياندرتال مهماً وذا قيمة، لأنه سيضيء منطقة مجهولة لدى كثيرين، لاسيما أولئك المسكونين بالبراءة. ولعلنا نتذكر كيف كانت لهفة القرّاء لأول الإطلالات الإعلامية لقيادات «القاعدة» في ذلك الوقت. ولأني أعرف الدحيلان جيداً، وأعرف عروبيته الفاتنة، فلن أشكك في نياته، ولا في وجود أجندة خارجية -ولا داخلية- دسّته في وسط المعركة في هذا التوقيت الوجودي الحرج على التنظيم، ليلمّع واجهاتهم الإعلامية من قاذورات الذبح والاغتصابات والسبي والتكفير للعالم كله، ماعدا فرقتهم التي تقاتل معهم، أو تموّلهم، أو تتعاطف معهم من بعيد إلى بعيد، وهذا -لعمري- أضعف الإيمان. جاء التقرير متزامناً مع الضربة الأمريكية التي يتهامس بشرورها العروبيون والإسلاميون معاً، ليفتح باباً من أبواب الحرية ليقول من خلاله الدواعش ما يريدون، وليبرروا للخليجيين وللعرب وللمسلمين وللعالم أسباب داعشيتهم، فهم -حسب التقرير- مدفوعون بحب الدين، والغيرة عليه، وعشق رجالاته في سوريا وفي العراق. فما أجملهم وأنقاهم.. مساكين! لا شك أنّ المستعمر أشدّ فتكاً وضراوة من داعش وأخواتها، وأنه إنما فرّخها ليعود بعدته وعتاده مستعمراً للجسد العربي، ضمن مخطط اقتصادي/ نفطي/ غازيّ طويل الأمد. ولكن، هذا لا يعطينا المبرر أبداً لتقديم «داعش» لمائدة الأسرة العربية على أنه ابن العائلة الضال! هؤلاء مثل «الضبان» المختبئين، كلما فتحت عليهم «الشكمان» من جهة فرّوا هاربين من جهةٍ أخرى. والإعلام متنفّس جيد لهم في هذا الوقت. عليك -فقط- أن تعرف جيداً مداخلهم ومخارجهم. الكارثة حين يكون الصيّاد والصيد داعشيّين، وأنت الوحيد من بين كل المدعوين على المائدة لا تأكل الضبّان!.