أُسدل الستار على مسرح مسابقة (أقرأ) للسنة الثانية على التوالي، وسط حضور جماهيري كثيف، شُغرت علي إثره جميع مقاعد المسرح الضخم بعد أن نفدت التذاكر من جميع نقاط التوزيع في المنطقة الشرقية، انتهت المسابقة بعد أن تم اختيار 40 متسابقاً من أصل 6000 للمشاركة في الملتقى الإثرائي، الذي أشرف على التدريب فيه روَّاد وملهمون ومساعدون وفنانون، حفَّزوا المتسابقين على اكتشاف وإظهار مهارات أخرى، لم يكتشفوها في أنفسهم، ليصل منهم في نهاية الأمر 18 مشاركاً ومشاركة على مستوى المملكة للتصفيات النهائية، حيث عرض فيها المشاركون مواهبهم وحبهم للقراءة في عروض حية ومباشرة استمرت لمدة يومين أمام الجمهور، وشملت طلاباً من المرحلة المتوسطة و الثانوية و الجامعية، ومن أجمل مميزات هذا البرنامج أنه لم يكتف بمنحهم منصة لاستعراض مهاراتهم ومشاركتهم أمام أقرانهم ومجتمعهم فقط، بل منحهم ثقة و فريق عمل ضخماً مصاحباً يعمل ويرافقهم كالظل من أجل إظهار الزوايا الجمالية في أعمالهم بصوت وصورة وإحساس ليصل للجمهور الذي كان يشارك هذه السنة بنسبة 30% من التصويت بجانب لجنة تضم خمسة من الحُكام، الذي حرص كل فردٍ منهم على مناقشة فكر كل مشارك، لنعيش معهم تجربة فريدة من نوعها، وقبل أن أسترسل لنُبارك لقارئ عام 2014، (أريج القرني) للمرحلة المتوسطة، و(أمجاد المكي) للمرحلة الثانوية و(مرتضى البحراني) للمرحلة الجامعية، بفوزهم بهذه المسابقة، وأبارك لمجتمعنا بهم، إذ تُعد تجربة هذا العام واحدة من أهم الأسباب لتغيير الفكرة السائدة عن واقع القراءة في مجتمعنا. حين كان يظن كثير في مجتمعنا بأن أمة (اقرأ) لا تقرأ، كشفت واحدة من أجمل مبادرات أرامكو السعودية لخدمة المجتمع (إثراء الشباب) عن حقائق مدهشة لواقع القراءة في عصرنا اليوم، إذ سجلت إحصائية عن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، في هذا البرنامج بأن مشاركة الفتيات هذا العام شكلت 75% من إجمالي المشاركين، وجاءت مشاركة الشباب بالمقابل بنسبة 25%، ما يدعو للتفاؤل بأن ملامح جيل المستقبل تحمل تباشير مرصعة بالجواهر والشغف المعرفي، ومن الناحية الجغرافية جاءت أغلب المشاركات من المنطقة الشرقية بنسبة 43%، ومن المنطقة الغربية بنسبة 42%، ومع أن المنطقة الوسطى معروفة بكثافتها السكانية، وتميزها بنسبة مبيعات ضخمة في معرض الكتاب، إلا أن مشاركتها جاءت بنسبة ضئيلة 20%، والأمر المثير الذي كشفته المسابقة أن نسبه كبيرة من المشاركين ذكروا أن تأثير آبائهم عليهم كان سبباً وراء تحفيزهم على الاطلاع والقراءة، على الرغم من قضاء الأم وقتاً أطول مع الأبناء، وهذا يعزِّز من أهمية دور الأب في حياة أبنائه حتى وإن لم يكن موجوداً بشكل كافٍ، ولم تتوقف الحقائق عند ذلك بل كشفت عن دور المدرسة الغائب، وغياب تأثير الشبكات الاجتماعية التي يوجد عليها عدد كبير من الشباب في الترويج للقراءة وتعزيزها كجزء من الحياة اليومية، ولا تقتصر مسابقة أقرأ على تأثير الكتَّاب والمتعة الشخصية التي يجدها كل متسابق بين صفحاته، بل تشمل أيضاً (قارئ الجمال) الذي يعتمد على فن التصوير الفوتوغرافي، و(الانيميشن) والرسوم المتحركة، ولمن لا يعرف تاريخ هذا البرنامج، بدأت مسابقة (أقرأ) السنوية في أكتوبر من العام الماضي 2013، على مستوى المنطقة الشرقية فقط، ليشارك فيها 2500 طالب، و6000 مشاركة تصويرية انتهت بتدريب 36 مشتركاً للمرحلة الثانية، تأهل منهم 18 مشتركاً من الجنسين للعروض النهائية التي تقام أمام الجمهور، والتي تعتمد على استيعاب النص المقروء، واختصاره، وتقديمه وعرض الأفكار التي تحويه بطريقة جذابة بمصاحبة مؤثرات صوتية ومرئية تساعد على توصيل الفكرة والإحساس، وتتخلل العروض الحية، عروض إبداعية متنوعة، ساهم وشارك في إنجاحها عدد كبير من المتطوعين، والعاملين في مركز الملك عبدالعزيز، استغرق التحضير لها شهوراً بصمت لتخرج في ثلاثة أيام في كرنفال ثقافي متفرد من نوعه، ولا أستطيع أن أنسى التأثير الذي تركه كتاب الرمال العام الماضي، للمخرج الشاب بدر الحمود، وفريق قناة سين، ففي كل مرة يخرج بعمل يأتي أجمل من الآخر، لا يتحدى فيه توقعاتنا بل ويتغلب على نفسه، ليُخرج هذه السنة فيلماً في منتهى الذكاء، يأسر خيالك ويأخذك بكل قناعة بين أحداث سَطَرها المبدع خالد اليحيا في (قلم المرايا) الذي أوصل طاقم العمل في رأيي إلى العالمية، فهنيئاً لمركز الملك عبدالعزيز الثقافي ولجمهور مسابقة أقرأ العرض الأول حصرياً، وهنيئاً لنا ولكم بجيل واعد اتضحت ملامحه كالقمر، فإذا كانت مبادرة أقرأ واحدة من مجموعة مبادرات أخرى لأرامكو السعودية، فهل لك أن تتخيل تفاصيل مبادرة (أروي) و(أكتشف) و(أتألق)؟ لن تتخيل، لأن تأثير كل واحدة سيدفعك لأن تسرد تفاصيل طويلة من الجمال ستحتاج لأكثر من مقال!