لا يمكن أبداً لأي مراقب سياسي عدم الربط بين المؤتمر الدولي حول أمن واستقرار العراق في باريس أمس، والتصريحات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في وقت سابق من الشهر الماضي، خلال اعتماد أوراق عدد من السفراء الأجانب، وتحذيره من امتداد خطر «داعش» إلى أوروبا ومن ثم إلى الولاياتالمتحدة. إن مؤتمر باريس الذي شارك فيه أمس 30 دولة حول العالم، من بينها أعظم القوى العسكرية والسياسية والاقتصادية، وكذلك دول وحكومات تتباين جغرافياً وأيديولوجياً، يأتي بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشكل صريح لا لبس فيه استراتيجيته الخاصة بالحرب على الإرهاب حتى الإجهاز تماماً على تنظيم «داعش». يتضح هنا، أنه ما بين تصريحات خادم الحرمين التي علق فيها الجرس، وما بين مؤتمر باريس، مروراً بإعلان البيت الأبيض والكشف عن الاستراتيجية الأمريكية في محاربة «داعش» توجد إرادة دولية أكيدة للقضاء على الإرهاب بكل الوسائل الضرورية، ومنها العسكرية، بحسب البيان الختامي الصادر عن مؤتمر باريس أمس. لقد شدد البيان الختامي على أن المشاركين في المؤتمر يؤكدون أن تنظيم «داعش» يشكل تهديداً للعراق ولمجموع الأسرة الدولية، وهو ما يستوجب ضرورة القضاء على التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها، وكذلك التعهد بدعم الحكومة العراقية من أجل هذه الغاية. هنا أيضاً، لا يمكن إغفال ما جاء على لسان وزير الخارجية، صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، خلال مشاركته في المؤتمر أمس، وتأكيده أن تحدي «داعش» الذي تواجهه الحكومة العراقية لا يعدو كونه شكلاً من أشكال الإرهاب العابر للحدود والقارات الذي فرضته جملة من المعطيات الفكرية والسياسية والأمنية التي تجتاح منطقتنا. مشدداً سموه على أن إرهاب «داعش» تجاوز في جغرافيته العراق والشام وبات يشكِّل خطراً يهددنا جميعاً ويستدعي منا محاربته والتصدي له بروح جماعية تقي دولنا مخاطره ونتائجه.