كشفت مصادر جيدة الاطلاع ل"الرياض" أن جهات عليا في الدولة تدفع نحو تصحيح بعض الأخطاء التي ارتكبت في محاكمات تتعلق بالإرهاب. وكانت أعلى سلطة في البلاد أشارت إلى وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان خلال هذه المحاكمات. كما يشار إلى أن القضاء أعاد فتح ملف ما يسمى ب"شيوخ السلفية الجهادية" المتهمين بالتأطير الأيديولوجي للانتحاريين الذين نفذوا عملية 16 مايو الإرهابية بالدار البيضاء سنة 2003. وأفادت ذات المصادر أن اتصالات سرية جرت بين مسؤولين في الدولة وبعض "شيوخ السلفية الجهادية" القابعين في السجن في أفق تقديم ضمانات بعدم الرجوع إلى أي عمل إرهابي من شأنه المس بأمن الدولة ونظامها الداخلي في حال تم إطلاق سراح بعض المعتقلين في قضايا الإرهاب. وكان محمد الفيزازي أحد "شيوخ السلفية الجهادية" كشف في شهادته أثناء إعادة محاكمة حسن الكتاني وأبي حفص أن بعض مسؤولي الدولة اتصلوا به في هذا الإطار، إلا أنه أجاب بأنه لا يمكنه أن يعطي ضمانات عن أحد لأنه غير مسؤول عن المعتقلين في قضايا الإرهاب، كما نفى في شهادته أية علاقة له بما يسمى ب"السلفية الجهادية" أو تأطيره لأي كان ليقوم بعمل إرهابي ضد البلاد. وينفي معظم المحسوبين على تيار "السلفية الجهادية" أية علاقة لهم بهذا الفكر أو التحريض على القيام بأعمال إرهابية. وأعطت الدولة مجموعة من الإشارات توضح رغبتها في طي هذا الملف والدفع نحو حل تصالحي، وذلك بفتح قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة مع "شيوخ السلفية الجهادية" وإعادة محاكمة بعض رموزها والاعتراف في مناسبات مختلفة بوقوع تجاوزات في تعاطي السلطات الأمنية مع ملفات الإرهاب. وأبدى في المقابل بعض رموز "السلفية الجهادية" استعدادا لمراجعات فكرية بعد حوار يجمعهم مع العلماء، مع حرص بعضهم على الإشارة بأنهم يسايرون التوجه العام الذي يسير عليه علماء المغرب. وفي الإطار نفسه، ذكرت مصادر من "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان" أن الأخير يهيئ لعقد ندوة دولية بهدف مناقشة "المقاربة التصالحية لمعالجة ظاهرة الإرهاب". وكشفت المصادر ذاتها أن المنتدى سيستضيف علماء من السعودية ومصر ولبنان، إضافة إلى حضور علماء وخبراء مغاربة في قضايا الإرهاب، لمناقشة بعض التجارب السابقة في دول عربية متعلقة بالمراجعات الفكرية للتيارات المتشددة. ومن المنتظر أن تنظم هذه الندوة الجمعة المقبل، وستكون الأولى من نوعها التي تنظم في المغرب. وسيعمل المنظمون، بحسب مصادر من داخل المنتدى، على إصدار توصيات، بعد عرض تجارب شيوخ سعوديين ومصريين قادوا تجارب المراجعات الفكرية في بلدانهم، من أجل رفعها إلى الجهات المسؤولة للاستنارة بها في مجهوداتها لطي هذا الملف.