إن التطاول على مقام الألوهية أو مقام أفضل البشر وخيرهم النبي صلى الله عليه وسلم لهو أمر خطير جدا. إذ إنه يُخل بالعقيدة كما هو معلوم في شريعتنا العظيمة، وعلى من أقدم على تلك الفعلة الشنيعة المؤسفة والمؤلمة أن يرجع إلى الله تبارك وتعالى ويتوب ويؤوب إليه عز وجل، أو يحكم عليه بما تقره شريعتنا الإسلامية. المنافقون في غزوة تبوك لم يستهزئوا بشعيرة من الشعائر، أو بسنة من سنن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، المنافقون استهزؤوا بالقراء من الصحابة: عبدالله بن مسعود ومعاذ وأبي بن كعب، قالوا: ما رأينا مثل هؤلاء أوسع بطوناً، فهم لم يتكلموا في الدين، فماذا قال الله عز وجل لهم؟ قال الله وهو أصدق القائلين: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (التوبة: 65 – 66) فكيف بمن يستهزئ بشعيرة من شعائر الدين؟ والأعظم والأدهى من ذلك التطاول على مقام الألوهية العظيم أو مقام النبوة الكريم، فأعظم به من كفر وعمل قبيح وشنيع! نسأل الله تبارك وتعالى العفو والعافية والنجاة من غضبه وسخطه عز وجل. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (الأحزاب: 57). وأذى الله تعالى يكون بسبه أو سب ما يقدره، أو عداء أوليائه أو بالإلحاد في أسمائه وصفاته، أو بمعصيته وقد ورد في الحديث القدسي: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار. رواه البخاري وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال الخطابي رحمه الله: معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع الأمور، وقد قال البغوي رحمه الله في تفسير الآية: قال ابن عباس رضي الله عنه: هم اليهود والنصارى والمشركون. فأما اليهود فقالوا: عزير ابن الله، ويد الله مغلولة، وقالوا: إن الله فقير، وأما النصارى فقالوا: المسيح ابن الله، وثالث ثلاثة، وأما المشركون فقالوا الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه. إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله سبحانه وتعالى: شتمني عبدي يقول اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وقيل معنى يؤذون الله يلحدون في أسمائه وصفاته والعياذ بالله، وقد فندت واستنكرت هيئة كبار العلماء في بلادنا وغيرهم من العلماء الأجلاء (حفظهم الله) ذلك التطاول الشنيع المخرج من الدين وعدوه ردة والعياذ بالله. فاللهم اهدنا وجميع إخواننا المسلمين إلى دينك القويم والبعد عما يُغضبك ويسخطك ويُخالف أمر وسنة رسولك الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، اللهم آمين.