ثلاثة أسابيع تفصلنا عن ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، ليكون قد مضى على إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الحرب على الإرهاب ما يقارب 13 عاماً، احتلت أفغانستان وقتل الآلاف من البشر الأبرياء، لكن حركة طالبان لا تزال باقية، وأمريكا فتحت قنوات اتصال معها، وتنظيم القاعدة انتشر في بقاع الأرض وتمدد في بلدان شرق أوسطية كانت بعيدة جداً عن أحلام زعماء التنظيم، والإرهاب يتزايد بوتيرة عالية. الحرب على الإرهاب كانت محوراً مركزياً في سياسة الرئيس بوش على الصعيدين الداخلي والعالمي، وكانت الحرب انعطافة وصفت بالخطيرة وغير المسبوقة في التاريخ، كونها حرباً غير واضحة المعالم وتختلف عن الحروب التقليدية بكونها متعددة الأبعاد والأهداف والعدو ليس محدداً. أسقط الأمريكيون نظام صدام حسين واحتلوا العراق تحت ذرائع من بينها تحالفه مع تنظيم القاعدة، نظام صدام انتهى وأتى الأمريكيون بنظام بديل بينما الإرهاب يتصاعد ويفتك ليس بالعراق وحسب بل تمدد ليشمل سوريا أيضاً. أوباما الذي أعلن رسمياً تخليه عن مصطلح «الحرب على الإرهاب»، وأعلنت الولاياتالمتحدة أنها ليست في حالة حرب عالمية على الإرهاب، بل حرب على تنظيم القاعدة و«الإرهابيين» المرتبطين به، يعود اليوم ليعلن حرباً جديدة على الإرهاب، لكن مع فارق أنه يعد باتباع استراتيجية «بعيدة الأمد» لمكافحة «داعش»، وهذا يعني أنه ربما نشهد سنوات طوال من الصراع الدامي في المنطقة دون القضاء على داعش وأخواتها، ويخشى من تمدد الصراع إلى مناطق أخرى كما تحذِّر جهات مشبوهة مرتبطة بنظام الأسد، ويشير إعلان أوباما ضمنا أن لا نية لدى أمريكا سوى تحجيم التنظيم، وليس القضاء عليه، وقال الرئيس أوباما قبل أيام إنه يريد ردع «داعش». ومن الممكن أن نقرأ أيضا في إعلان أوباما أنه قد يتعامل مع تنظيم «داعش» أو دولته بحكم الأمر الواقع كما حدث مع حركة طالبان، وتستمر الحرب، وربما سيكون هناك إعلان ثالث للحرب على الإرهاب طالما ظلت السياسة الأمريكية واستراتيجياتها قاصرة، وتخدم مصالحها دون النظر إلى الشعوب!