يتطلع المشهد الثقافي في محافظة جدة إلى الموسم الثقافي الجديد بكثير من التفاؤل والتطلع إلى أن يكون موسماً مكتنزاً بالنشاط الثقافي الحقيقي. ومع دخول عدد من المؤسسات الثقافية الخاصة للنشاط هذا الموسم للمرة الأولى، فقد بات سقف التوقعات مرتفعاً على غير المعتاد. ولطالما نادى الأدباء والمثقفون بفتح المجال أمام المؤسسات الثقافية الخاصة للمساهمة في الحراك الثقافي ودعمه، لتساهم مع المؤسسات الثقافية الرسمية في تقديم نشاط ثقافي متنوع يستجيب لكافة الأذواق الثقافية المختلفة.ومع دخول عدد من المؤسسات الثقافية الرسمية في أزمات إدارية وثقافية متعددة، فقد بات كثير من الأدباء والمثقفين يبحثون عن فضاء آخر غير المؤسسات الثقافية الرسمية، لكن المدير التنفيذي لمركز أحمد باديب للدراسات والاستشارات في جدة، الدكتور زيد الفضيل، لا يرى أن المركز قد جاء ليكون بديلاً من الآخرين، بل يشدد على أن الأدوار تكاملية. ويقول في هذا السياق: «نحن نهدف إلى تعميق حالة التواصل والتعاون الثقافي والمعرفي مع عديد من الأفراد والجمعيات التعاونية الأهلية ومؤسسات المجتمع الثقافية والمعرفية، من خلال عقد شراكات معها بغية الاستفادة من تجربتها وتنسيق العمل الثقافي والمعرفي معها، وتمتين مختلف الجهود المبذولة في تنمية المشروع الثقافي». مؤسس مركز الدكتور عبدالمحسن القحطاني للدراسات والاستشارات الثقافية، راعي أسبوعية القحطاني في جدة، الدكتور عبدالمحسن القحطاني، يتفق مع هذا الطرح، ويقول: «نحن نرغب في إضافة حقل ثقافي جديد، ولسنا بديلاً من أي هيئة، أو مؤسسة»، مشيراً إلى أن «المنتديات الأدبية لن تكون في يوم من الأيام بديلاً من الأندية الأدبية، بل هي رافدة ومضيفة للأندية، والأندية إذا راقبت حراكاً ثقافياً من مؤسسة مدنية، أو فردية، سيحرضها ذلك على ألا تتثاءب، وسيجعلها تقدم طروحات جديدة، والمساحة تتسع للجميع». ويشدد القحطاني على أنه «لا يضر مدينة جدة، مثلاً، وجود أكثر من مركز ثقافي ومؤسسة ثقافية»، لافتاً إلى أن «سكانها اليوم أكثر من أربعة ملايين نسمة، وكذلك الرياض، ومكة، وجميع مدن المملكة». ويقول: «هذه الإطلالات على الثقافة ستكون فيما بعد منظومة متكاملة، وستجد في النادي شيئاً، وستجد في إثنينية خوجة تكريماً، وستجد في أحدية أنور عشقي نقاشاً، وستجد في أسبوعية القحطاني حديثاً وحواراً، وستجد في ديوانية جدة شيئاً آخر، وهذا الفضاء يعني أن المثقف لديه خيارات عديدة أين يذهب هذا المساء». ويتابع القحطاني: «لذا، لا أظن أن المنتديات الخاصة، أو المؤسسات المدنية ستكون بديلاً من الأندية، والأندية قامة كبيرة لها عمر، ولديها منجز، والدولة ترعاها رعاية كبيرة وتدعمها». وكان مركز أحمد باديب للدراسات والاستشارات الإعلامية في جدة، قد أعلن مؤخراً عن انطلاقة أعماله مطلع العام الهجري المقبل. ويشدد المدير التنفيذي للمركز، الدكتور زيد الفضيل، على أن إنشاء المركز قد جاء إيماناً بدور الثقافة والفنون كرافعة رئيسة لحالة النمو والتقدم الذي ينشده الوطن، مشيراً إلى أن ذلك يأتي انطلاقاً من أهمية المشاركة الفاعلة للمجتمع الأهلي في حفظ وتنمية الموروث الثقافي بكافة أشكاله، وهو ما تميزت به مدينة جدة منذ مطلع القرن العشرين الميلادي، وكان أهلها سباقين إلى إنشاء عديد من المعالم الثقافية الرائدة، ليختتم بقوله: جاء تأسيس هذا المركز ليكون إحدى لبنات المجتمع الثقافية، وليسهم في حفظ وتنمية الفعل الثقافي بالصورة المأمولة.