دارت معارك تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة أمس بين الجيش اللبناني، الذي قتل عشرة من جنوده ومسلحين على أطراف بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، في اليوم الثاني من الاشتباكات التي اندلعت السبت بعد توقيف الجيش عنصراً جهادياً سورياً. وتعد هذه الأحداث، التي شملت أيضاً احتجاز عناصر من قوى الأمن الداخلي بعد اقتحام مسلحين لمركزهم في داخل عرسال وقتل مدنيين اثنين، الأخطر في هذه البلدة ذات الغالبية السنية المتعاطفة مع المعارضة السورية، منذ اندلاع الصراع السوري قبل ثلاثة أعوام، ما دفع الجيش إلى التحذير من رد «حاسم» لمنع «نقل المعركة» من سوريا إلى لبنان. وقال قائد الجيش اللبناني جان قهوجي، الذي أعلن هذه الحصيلة الجديدة خلال مؤتمر صحافي، إن عشرة جنود قتلوا وأن 13 آخرين فقدوا، وقد أسروا على الأرجح. وأضاف «سقط للجيش 10 شهداء و25 جريحاً بينهم 4 ضباط وفقدنا 13 جندياً يمكن أن يكونوا أسرى». ووصف الوضع بأنه «خطير جداً». وتتشارك جرود عرسال حدوداً طويلة ووعرة مع منطقة القلمون السورية، التي تشهد معارك بين مسلحين غالبيتهم من الجهاديين متحصنين في المناطق الجبلية، والقوات النظامية السورية وعناصر من حزب الله اللبناني. وقال الجيش اللبناني في بيانات متتالية أمس إن وحداته «تابعت طوال الليل وحتى صباح اليوم، عملياتها العسكرية في منطقة عرسال ومحيطها، حيث قامت بملاحقة المجموعات المسلحة والاشتباك معها». وتقوم مدفعية الجيش بقصف تلة مرتفعة على رأسها ثمانية منازل يعتقد أن المسلحين يتحصنون فيها كما استقدم الجيش تعزيزات عسكرية وآليات تنقل جنوداً. وكانت المعارك قد اندلعت السبت إثر توقيف الجيش سورياً اسمه عماد أحمد جمعة. وعلى الإثر قام مسلحون يعتقد أنهم جهاديون ينتمون إلى تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة»، بمحاصرة حواجز الجيش قبل الاشتباك معه. وفي حين قال الجيش إن جمعة أقر بانتمائه إلى جبهة النصرة، ذراع القاعدة في سوريا، تداولت حسابات جهادية على مواقع التواصل الاجتماعي شريطاً مصوراً قالت إنه لجمعة، يعلن فيه مبايعته زعيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي. كما قام المسلحون الذين دخلوا عرسال السبت، باقتحام فصيلة تابعة لقوى الأمن الداخلي، وقتلوا مدنيين اثنين حاولا منعهما من ذلك، بحسب مصدر أمني. وأكد مصدر أمني أن المسلحين اقتادوا عدداً من العناصر الموجودين داخل الفصيلة، رافضاً تحديد عددهم. ودان رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام هذا «الاعتداء الصارخ على لبنان الدولة وعلى القوات المسلحة اللبنانية، مثلما هو اعتداء على المواطنين اللبنانيين في أمنهم ورزقهم وممتلكاتهم». وأكد أنه «انطلاقاً من موقع المسؤولية، فإن الحكومة تتعامل مع هذه التطورات بأقصى درجات الحزم والصلابة»، مشدداً على أن «الدولة اللبنانية لن تتهاون في حماية أبنائها مدنيين كانوا أم عسكريين ولن تسمح بفرض حالة من الفوضى الأمنية في أي منطقة لبنانية، أو خروجها عن سيطرة القوى الشرعية تحت أي ذريعة كانت». ودعا سلام «جميع القوى السياسية إلى التحلي بأعلى درجات الحكمة والمسؤولية وبذل كل الجهود لتحصين لبنان والنأي به فعلاً عن الأخطار المحيطة به».