طمأن أكاديمي اقتصادي بأن إنفاق الأسرة السعودية في عيد الفطر، لم يتجاوز المعدل الطبيعي المتعارف عليه، مشيراً إلى أن هذا المعدل بلغ 10% للأسر الغنية، فيما بلغ 80% للأسر ذات الدخل المحدود. في الوقت نفسه، ألمح مختص أسري إلى أن ثقافة الاستهلاك الأمثل لم تكتمل لدى عديد من الأسر السعودية، مطالباً وزارة التجارة القيام بدور أكبر لحماية المستهلك من استغلال التجار وتلاعبهم في الأسعار. إلى ذلك، نجح تجار في العاصمة الرياض، في التخلص من كميات كبيرة من الحلويات مجهولة المصدر، بعرضها أمام المحلات التجارية والمساجد ومناطق تجمع العائلات، بأسعار متفاوتة، شجعت الأسر على شرائها بكميات كبيرة، لإضفاء بهجة العيد على أطفالهم. وابتكر بائعون، افترشوا بعض شوارع العاصمة لبيع الشوكولاتة والحلويات، أساليب ترويجية جديدة، لجذب المارة، أبرزها توزيع عينات من الشوكولاتة الفاخرة على الأطفال، لإحراج أولياء أمورهم وإجبارهم على الشراء. وأبدى عدد من الزبائن ملاحظاتهم على «حلويات الشوارع» كما أطلقوا عليها، مشيرين إلى أنها مجهولة المصدر، ولا تحمل أي بيانات عن الجهة التي قامت بتصنيعها، أو تواريخ انتهاء الصلاحية، مؤكدين أن أصنافاً كثيرة من تلك الحلويات لا تتمتع بالطعم الطبيعي، وأن ألوانها تغيرت بفعل عرضها تحت أشعة الشمس فترات طويلة، وهي معرضة لعوادم السيارات والأتربة والغبار. وقال أحمد الألمعي إنه اشترى 4 كيلوجرامات من الحلوى، في إطار استقباله عيد الفطر، وقال: «لم أجد أمامي وقتاً لشراء الحلويات من محال مشهورة ومعروفة، إذ وجدت أمامي باعة حلوى يفترشون الشوارع، ويعرضون أنواعاً مختلفة من الشوكولاتة والحلويات، فلم أكن أتصور أنني سأشتري من هؤلاء الباعة، لولا أن بائعاً أهدى أبنائي الثلاثة هدايا في صورة علب صغيرة، ملفوفة بقطع صغيرة من أقمشة الشيفون الملون، فيها أنواع جيدة من الشوكولاتة، أشاد بطعمها الأبناء، فطلبت من البائع أن يزن لي 4 كيلوجرامات من الشوكولاتة نفسها، بسعر 50 ريالاً للكيلوجرام»، مضيفاً «عندما ذهبت إلى البيت وجدت النوع الذي اشتريته مختلفاً عن النوع الذي تذوقه أبنائي، الغريب أن الأنواع التي اشتريتها، لا تحمل أي تواريخ انتهاء الصلاحية أو مصدر الصناعة، مما جعلني أشكك في صلاحيتها، واضطررت أن ألقي بها في سلة المهملات». وقادت سيدات إفريقيات طاعنات في السن عمليات الترويج للحلويات «مجهولة المصدر»، عن طريق صنع أجولة صغيرة، مليئة بأنواع متعددة من الشوكولاتة، داخل علب ورقية فاخرة، تلفت نظر الأطفال. وتقول سعاد الغامدي: «اشتريت 4 علب لأبنائي أثناء مرورنا أمام موقع بيع الحلويات، بسعر 15 ريالاً للعلبة الواحدة، وفوجئت أن كل علبة فيها 3 حبات من الشيكولاتة المكشوفة، التي أوشكت على الذوبان بفعل حرارة الشمس، مما جعلني أتأكد أنني تعرضت لعملية نصب في وضح النهار». وقامت بائعة أخرى، بصنع هدايا أخرى داخل عُلب صغيرة من الكرتون، تحتوي على خليط من الحلويات القديمة، والعلوك والبالونات، ملفوفة في ورق من السوليفان الملون برسومات الأفلام المتحركة، بسعر 20 ريالاً للعلبة الواحدة. وحمَّل ثامر الصالح استشاري أسري، وزارة التجارة مسؤولية انتشار الباعة الجائلين، وقيامهم بعرض سلع فاسدة على الملأ، مشيراً إلى أن هؤلاء الباعة استثمروا عدم نضج ثقافة الاستهلاك بين الناس، ونجحوا في ترويج سلع فاسدة أو قاربت على الانتهاء. وقال ل «الشرق»: «مع الأسف الشديد نحن مجتمع استهلاكي بشكل كبير، حيث ألاحظ إقبالاً غير طبيعي من الناس على شراء الحلوى والملابس، رغم ارتفاع سعرها، ليس لسبب سوى أنهم يريدون أن يحافظوا على عادة الشراء قبيل المناسبات، وإن كانت السلع التي يقبلون على شرائها عادية جداً بل وقديمة الصنع». ويضيف الصالح «الأمر يحتاج إلى حملات توعية مكثفة من الجميع، سواء من وسائل الإعلام أو الجهات الحكومية، لكبح جماح ارتفاع الأسعار لدرجة المبالغة، وأيضاً خطباء المساجد عليهم دور في توعية الناس لأن هذا يعتبر نوعاً من التبذير». أكد الدكتور زين العابدين بري عضو مجلس الشورى سابقاً والأكاديمي في الشأن الاقتصادي، أن ارتفاع معدل إنفاق الأسر السعودية، نتيجة الإقبال على شراء مستلزمات العيد من ملابس وحلويات وغيرهما لا يتجاوز 10% بالنسبة للأسرة ذات الدخل الكبير، بينما يصل إلى 80% بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، قياساً بعدد أيام عيد الفطر الثلاثة، معتبراً هذه النسبة في معدلها الطبيعي، ليس في السعودية وحدها، وإنما في دول العالم، التي تحتفل بالمناسبات المختلفة. وأضاف بري أن زيادة معدل الإنفاق خلال أيام العيد، ليست لافتة للنظر، رافضاً الربط بين معدل الإنفاق وقيمة القروض الاستهلاكية التي حصل عليها السعوديون، والبالغة 300 مليار ريال، وقال: «هذه القروض استهلاكية، ولا يمكن أن تكون لمناسبة العيد تأثير كبير في زيادتها، وإن وجد تأثير ما، فهو ضعيف للغاية، لأن مناسبة العيد فترة مؤقتة وتنتهي»، متمنياً أن يحرص السعوديون على أن تكون قروضهم من البنوك استثمارية، وليس استهلاكية، مشيراً إلى أن مبلغ ال300 مليار كبير للغاية ويبعث على القلق».