أقر عديد من الأدباء السعوديين بغياب الأندية الأدبية في رمضان عن الثقافة وشؤونها، إذ لم يكن هناك نشاط يلفت الأنظار للأندية الأدبية في السعودية، بل وصل الأمر إلى أنّ بعض تلك الأندية الأدبية لم يكن لها حضور ثقافي على الإطلاق، وبعضها الآخر رفع العتب بنشاط يتيم مرّ دون أن يترك أثراً. فيما اكتفت بعض الأندية الأدبية بفتح مقراتها وعقد جلسات أعضاء مجالسها الرسمية دون أن يكون لتلك الأندية حضور ثقافي في هذا الشهر، فلماذا غابت الفعاليات الثقافية عن هذه الأندية الأدبية في رمضان؟ وهل تتابع الأحداث السياسية والرياضية في هذا الشهر كانت أعذاراً مبررة لهذا الغياب، أم إنّ الغياب لم يكن في هذا الشهر بل سبقه غياب أكبر طوال العام؟. الشاعر خليف غالب أحد أبرز الأصوات الشبابية السعودية الحاضرة في المشهد الشعري السعودي قال إن الأندية الأدبية مازالت تركض في مكانها، لم تقدم في رمضان شيئا ذا أهمية للمجتمع الثقافي، لم نر اهتماما واضحاً باستقطاب الشباب، وليس لها حضور ثقافي في المجتمع حتى إن كثيرا من الناس لا يعلم بوجود ناد يهتم بالأدب في منطقته! وأضاف غالب أن الأندية الأدبية أصبحت محصورة في أشخاص يستفيدون من الأندية بلا عطاء! ووكالة الوزارة مسؤولة عن هذا الوضع البارد للأندية! هناك بعض المقاهي الرمضانية لكنْ دورها محدود ومحصور جداً .. الدعاية لها ضعيفة، ومحاولة التنقيب عن الموهوبين أضعف! كما رأى القاص والإعلامي حسن آل عامر أن نشاط الأندية الأدبية بشكل عام في الأشهر الأخيرة بدا خافتا نوعا ما . وقد تكون هناك أسباب مبررة وأخرى غير مبررة . فالمبررة أن فترة الصيف لهذا العام شهدت أحداثا انتزعت الأديب أو المثقف من محيط الأدب إلى عوالم أخرى مثل كأس العالم والأحداث السياسية العاصفة بالعالم العربي. أضف إلى هذا سفر كثير من المبدعين المؤثرين في الحركة الإبداعية والثقافية المحلية. أما الأسباب غير المبررة فهي عدم وجود خطط حقيقية لكثير من هذه الأندية، فقد يتم التفكير في نوعية أي نشاط وتنفيذه خلال يومين فقط . وهذا ما سمح بظهور بعض الفعاليات بشكل ارتجالي. ولكيلا أعمم لابد من الإشارة إلى أن بعض الأندية الأدبية مثل نجران وأظن الأحساء أقامت نشاطات خلال شهر رمضان المبارك. فيما رأى الدكتور عبد الرحمن البارقي أنّ الأندية الأدبية تخلت عن أن تكون مجرد صدى أو محض حاضن لردات الفعل الثقافي، فهي تهيم في مسرح مختلف عن المسرح الثقافي الراهن، وإذا صح هذا فإن الأندية الأدبية ستتخذ من شهر رمضان المبارك فرصة سانحة لأخذ إجازة من العمل الثقافي الجاد وهي إجازة بالتواطؤ مع عدد من الأوعية الثقافية. وتساءل البارقي: هل من الحيف أن أقول إن الأندية الأدبية خلال المرحلة الراهنة المهمة والحاسمة فكريا وثقافيا لم تقدم للثقافة شيئا ذا بال سواء في رمضان أو في غير رمضان ؟! وأضاف البارقي أنّ من إشكالات التصور أن الأندية الأدبية أو بعضها تموقع نفسها في الدور الوصائي على الثقافة والمثقفين، وهذا الفعل سيوردها مزيدا من الضعف والهشاشة والركون؛ فالمثقف المنصف قرأها وفقد ثقته فيها عن بينة، والمثقف المتعاطف بدأ يفقد ثقته بها مع أنه لايزال يقرؤها وما يزال ينتظر شيئا يلوح من هنا أو من هناك . وأشار البارقي إلى أنّ هذه المؤسسات في الواقع عبء على الثقافة وارتباطها بالثقافة لايجاوز أن يكون الاسميّ أو الثآليليّ . وإذا لم تكن الأندية الأدبية قادرة على مزامنة الحركة الثقافية أو مسايرتها فلا أقل من أن تكون صدى أمينا لها ، وليس سرا أن المملكة تمر خلال هذه الفترة بمرحلة مخاض ثقافي وفكري تلحظ مخايله في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي فأين تقع الأندية الأدبية من كل هذا التماوج والصخب ؟ هل كانت مستشرفة بل هل كانت مسايرة ؟ بل هل كانت حتى مجرد صدى ؟!! لقد لاذت بالصمت حينا وهو درب السلامة للأفراد ودرب الفناء للمؤسسات، ولاذت حينا بنشاطات هامشية وانصرفت عن المتن، حيث كان ينتظرها المثقف هنالك فهو لن يتطأمن ليلتقي بها في الهامش وهي على ما يبدو لاتريد أن تتسامق لتلتقي به قريبا من المتن؛ ولذلك ستستمر حالة التيه، وستكون فترة شهر رمضان المبارك هدنة باتجاه لقاء لن يكون، لتستأنف بعده المؤسسة نشاطها في الهامش أما المثقف فمناضل في المتن.