نتحدث عن الوطن ويتحدث عن القبيلة!! مفارقة عجيبة تجلب لك الصداع وتوصلك حد الغثيان، في أمسية جميلة أقيمت من أجل الوطن ولا غير الوطن دعي شاعرنا الفطحل والفذ ليتغنى به وليذوب به عشقاً وصبابة، استحضر شاعرنا الهمام هاجسه واستلهم قريحته واستعان بشياطين شعره ونثره، كان الجميع ينتظر وكان الشوق يحدوهم ولهفة اللقاء تسابقهم لمعانقة الوطن بليلة الوطن، بدأ العد التنازلي ولم تكن سوى لحظات حتى افتتح الحفل وبدأت فقراته وبدأ الحضور يعيش فرحته وكلٌ يعبر حسب طريقته وعلى قدر مساحته، اعتلى صاحبنا الفحل المنصة فيا ليته ويا ليت شعري، لقد خرج لنا بقصيدته ومعلقته العصماء التي رفعت الضغط والكولسترول والقولون العصبي بنفس الآن!! أخذ يسرد لنا أمجاده وأمجاد أبنائه ويذكرنا بمغامراته ومغامرات أجداده وبأن جيناته الوراثية لا تتكرر فلقد حيرت العلماء وأعجزت الأطباء!! صرخ الجمهور بأن أسكتوه واطردوه فلقد سئمنا حقاً واكتفينا وحان الوقت لنقول له ولأمثاله كفى فلكل مقامٍ مقال، نعم كفى عصبيات جاهليةٌ نتنة، كفى عبثاً بالوطن وأبناء الوطن، كفى تشرذماً وتقسيمات بالية، كفى نخراً بالبنيان الواحد والجسد الواحد، كفى طائفية ومسميات وتقاذف للاتهامات ما بين إسلامي وليبرالي وعلماني وآخر كافر وملحد، الفتنة نائمة والمنطقة على صفيح ساخن ونحن لا نحتاج لمثل تلك المزايدات الرخيصة والمقيتة، من اليوم سنعلنها وبصوت واحد، لا للتصنيفات ولا التقسيمات، لقد آن الأوان ليكون تصنيفك حسب وطنيتك وغيرتك وإنتاجيتك مهما كان شكلك ولونك وقبيلتك ومذهبك وفكرك، من اليوم لا للفتنة ولا لدعاتها، من اليوم لا للإعلام الرخيص ولا لمنابر التحريض وقنواتها ولا حتى أيضاً مبالغات أفضل شاعر وأجمل ناقة وأوسم خروف، يجب أن ندرك أنه بالولاء وبالعلم تتقدم الأوطان وتنهض الأمم ولنا في دول الجوار حياةٌ وعظةٌ وعبرة، أوروبا لم تنهض من عصورها المظلمة إلا حين ركلت التعصب والتصنيفات والطائفية وآمنت بأن الدين لله والوطن للجميع، لنقف بقلب واحد ضد التعصب والتحزب أياً كان وكيف كان فهو الخطر وأفيون الشعوب ومخدرات العصر، وليكن الوطن هو مظلتنا جميعاً وهو من نموت دونه ولاءً وعصبية.