قبل بضع سنوات كتبت مقالاً في أحد المواقع الاجتماعية عن الدور الاستكشافي الجغرافي للمندوب السياسي البريطاني شكسبير، الذي تولى الوكالة السياسية في الكويت في بداية القرن العشرين. تناولت في ذلك المقال عددا من رحلاته وتوقفت عند بلدة (جبة). المؤسف أنني وجدت من أخذ تلك المقدمة بألفاظها وأكمل عليها بقية رحلات شكسبير حتى وصل إلى سيناء، دون أن يشير إلى أن تلك المقدمة ليست له. وتعريفاً بالكابتن وليم هنري أورفاين شكسبير فهو أحد المغامرين وأصحاب الهمم العالية الذين تحلوا بالبراعة والدهاء وحب العمل والاستكشاف. كان رجلاً يتميز بالنشاط والطموح منذ وجوده في الخدمة العسكرية في الهند حتى عُين في الخدمة الاستشارية القانونية في كل من (بندر عباس) و(مسقط). ومن إيران قام بأول رحلة على ظهر سيارة إلى مسقط رأسه في إنجلترا، مجتازاً كل تلك المسافات قبل وجود الطرق، ماراً بتركيا عدوّة بلاده في ذلك الوقت. وفي عام 1909 تم تعيين شكسبير ممثلاً سياسياً في الكويت وفي أثناء شغله لمنصبه وكذلك في السنوات التالية لهذا التعيين، قام شكسبير برحلات سنوية قصيرة في مناطق نائية وغير معروفة نسبياً للبريطانيين في صحراء الجزيرة العربية. وقد جُمعت جميع مذكراته في الجمعية الملكية الجغرافية في لندن قبل أن يطأ (فلبي) أرض الجزيرة العربية. وكان الكولونيل (نوكس) قد سبق الكابتن شكسبير في الوصول إلى حفر الباطن، الذي قام برحلتين قصيرتين من الكويت إلى (الحفر) في 1906 وجنوباً إلى (نطاع) سنة 1908م. و في سنة (1910) قام شكسبير برحلة عبر (الدبدبة) إلى آبار (اللصافة) وهي إحدى قرى الصمان اليوم (وقد زرتها شخصياً عدة مرات)..وتعتبر في منتصف الطريق قديماً للمتجهين من الكويت إلى الزلفي، ثم اتجه شمالاً عبر شعيب فيصل إلى آبار الحفر وهي واحدة من موارد الماء في الباطن. قام شكسبير بتحديد المكان وأعماق المياه ثم اتجه إلى الزبير ماراً ب (قصر بلال) في شعيب الباطن حتى وصل إلى النقطة التي يصب فيها الوادي في سهل الزبير، ثم توجه بعد ذلك إلى الكويت. امتدت هذه الرحلة أكثر من ثلاثين يوماً، وهي فترة اتسمت بالحذر المستمر أثناء اجتياز الطريق، حيث قطع حوالي 450 ميلا في هذه الرحلة. وللحديث بقية.