يزداد الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا) تعقيداً يوماً بعد يوم. فقد تحول الفيفا إلى مرتع للمؤامرات والمخططات على خلفية الصراع على منصب الرئاسة، الذي تجرى انتخاباته في 2015. ومن الإصلاحات الديمقراطية الحديثة، إلى الشكوك المثارة حول منح قطر حق استضافة بطولة كأس العالم 2022، فإن كل ما يحدث في الفيفا مرتبط بالمعركة بين رئيسه الحالي جوزيف بلاتر وبين غريمه الأبرز ميشيل بلاتيني رئيس اتحاد الكرة الأوروبي (ويفا). وسيكون انعقاد الجمعية العمومية للفيفا اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء، في اليومين السابقين لانطلاق بطولة كأس العالم 2014 في البرازيل مباشرة، بمدينة ساو باولو البرازيلية الحلقة الأخيرة في المواجهات، التي يزداد توترها حدة بين هذين الرجلين القويين. وكانت تقارير قد نشرتها وسائل الإعلام البريطانية مؤخراً أثارت مزيداً من الشكوك حول الفساد، الذي يحتمل أن تكون قد شهدته عملية التصويت على منح حق استضافة بطولة كأس العالم لعام 2022، الذي فازت به قطر في ديسمبر عام 2010. فقد ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن القطري محمد بن همام نائب رئيس الفيفا سابقاً دفع مبالغ مالية طائلة لمسؤولين كبار آخرين في كرة القدم لشراء تأييدهم للملف القطري. وأعلن مايكل جارسيا، المدعي العام الأمريكي السابق، الذي أوكل إليه الفيفا مهمة التحقيق في هذه القضية أنه أنهى تقريره أمس، ولكن هذا التقرير سيتم إرساله إلى لجنة القيم بالفيفا بعد انتهاء بطولة كأس العالم في البرازيل. وبعد اعترافه بأنه هو شخصياً صوّت لمصلحة قطر، أصبح بلاتيني الضحية السياسية الرئيسة لموجة من الانتقادات بسبب هذا القرار. من ناحية أخرى، نجح بلاتر في إبعاد نفسه عن الجدل الدائر حول قرار منح قطر حق استضافة مونديال 2022، بل وأكد أنه كان «خطأ» أن يتقرر إقامة كأس العالم هناك في منطقة قد تصل درجات الحرارة فيها خلال أشهر الصيف إلى 50 درجة مئوية. وصرح بلاتيني لصحيفة «ليكيب» الفرنسية اليومية بقوله: «لا أعرف مَنْ يقف وراء كل ذلك»، مضيفاً أنه ليس نادماً على منح صوته لقطر. قبل أن يؤكد: «أعتقد أنه كان القرار الصائب بالنسبة للفيفا ولعالم كرة القدم». واقترحت «ليكيب» ألا يكون بلاتر بمفرده هو مَنْ يقف وراء الحملة ضد بلاتيني وإنما روبرت ميردوخ أيضاً، مالك صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، وعدة قنوات تليفزيونية، بينها «بي سكاي بي» و«فوكس». وتشير «ليكيب» إلى أن ميردوخ يحلم بإعادة التصويت على منح حق استضافة كأس العالم 2022 من جديد لكي تفوز الولاياتالمتحدة بهذا الحق هذه المرة، مع العلم بأنها كانت من الدول التي تنافس قطر على استضافة الحدث في2010. كما تضيف الصحيفة الفرنسية: «يشعر ميردوخ بقلق شديد بسبب إمكانية نقل مباريات كأس العالم 2022 بقطر من الصيف إلى الشتاء»، الذي كان أحد مقترحات بلاتيني نفسه، لأنه بذلك سيتضارب مع مواعيد البطولات الرياضية الأمريكية الكبرى مثل دوري كرة القدم الأمريكية للمحترفين وسباقات سيارات «ناسكار». وبعكس بلاتر، الذي أعلن بالفعل عزمه الترشح لفترة رئاسية خامسة في الفيفا، لم يفصح بلاتيني صراحة بعد عن رغبته في تولي رئاسة الفيفا. وربما تكون الصراعات التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية سبباً في إقناع بلاتيني بعدم خوض هذه التجربة وفقاً لبعض القطاعات الإعلامية. وفي حال تنحي بلاتيني جانباً سيفتح هذا الأمر الباب أمام مواطنه جيروم شامبين، مدير العلاقات الخارجية السابق للفيفا والذراع اليمنى لبلاتر لسنوات عديدة، ليكون المنافس الأبرز لبلاتر على منصب رئيس الفيفا. وينظر بلاتر إلى شامبين كمنافس له بالفعل، رغم أن شامبين نفسه اعترف مؤخراً بأن فرصته ستكون صغيرة أمام الرئيس الحالي للفيفا. وعلى أي حال، فلا يمكن اعتبار شامبين صديقاً لبلاتيني أو حتى مؤيداً له، بل إنه من أهم مطالبه الحالية تقليص سلطات ونفوذ اتحاد الكرة الأوروبي. ووسط كل ذلك، ظهرت أسماء جديدة فجأة كقادة محتملين للثورة الأوروبية ضد بلاتر. فقد بزغ اسما مايكل فان براج رئيس اتحاد الكرة الهولندي، ونظيره الألماني فولفجانج نيرسباخ كمرشحين محتملين لمنافسة بلاتر في الانتخابات المقبلة. وصرح نيرسباخ مؤخراً لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) قائلاً: «سمعت وقرأت عن شيء كهذا، ولكنها مجرد شائعات لا أساس لها». ومع ذلك لم ينف رئيس اتحاد الكرة الألمانية نوعاً من التحرك المناهض لبلاتر من قبل الأوروبيين، إذ أعلن المسؤول السويسري بشكل رسمي عزمه الترشح لولاية جديدة في الفيفا أثناء انعقاد الجمعية العمومية للاتحاد. من ناحية أخرى، فقد وضعت مقترحات مثل وضع حد أقصى لعدد فترات الولاية المسموح بها لرئيس الفيفا، وكذلك وضع حد أقصى لسنه، وهو الأمر الذي سبق مناقشته في الجمعية العمومية السابقة للفيفا عام 2013 في موريشيوس، في ذيل اهتمامات الجمعية العمومية المرتقبة، حيث تحتل المركز 12 على جدول أعمال الفيفا في ساو باولو. وبعد معاناته من «خيانة» سكرتيره العام ووريثه المرتقب مايكل زين- روفينين خلال الجمعية العمومية للفيفا في 2002 في سيئول، فقد تم تأجيل الانتخابات الرئاسية للفيفا إلى عام لا تقام فيه بطولة كأس العالم حتى لا يحدث نوع من التشتيت عن البطولة. ولكن مع توجه أنظار العالم إلى ساو باولو بالفعل، حيث تنطلق منافسات بطولة كأس العالم في البرازيل الخميس المقبل، تنبئ الجمعية العمومية ال 64 للفيفا بأن تكون عرضاً مثيراً للاهتمام في حد ذاتها.