إن أعظم من وضح حقوق الإنسان وأعظم من سطر وثيقة حقوقية على مدار الأزمان هو سيدي وحبيبي محمد بن عبدالله النبي الأمي الذي لا ينطق عن الهوى. فالشريعة الإسلامية جاءت مبنية بناءً متيناً حكيماً، وما من مصلحة في الدنيا والآخرة إلا وأرشدت إليها ودلت عليها، ولذا اعتنت الشريعة بحفظ الضرورات الخمس: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فحياة البشر لا تستقيم وأمورهم لا تنتظم إلا بحفظ هذه الضرورات. قيلت تلك الوثيقة الحقوقية في (خطبة حجة الوداع) فكانت تلك الخطبة أعظم خطبة تاريخية شهدتها الإنسانية على مدار السنين. ولم تكن خطبة الوداع مجرد عظة دينية، وإنما رسالة للعالمين، فلا ظلم في ظله، ولا ربا، ولا طغيان ضد أقلية، ولا جور بحق النساء، ولا إراقة دماء أو تعدي على جماعة مستضعفة. وفي تلك الخطبة، أودع النبي أمته أمانة هذا الدين، فكان يوم عرفة هو يوم الإعلان عن حقوق الإنسان التي شملت ما يلي: أولا: حق الإنسان في الحياة وحرمة النفس والمال. قال صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا). فيا لها من كلمات بسيطة حملت معاني عظيمة كفلت للإنسان العيش باطمئنان ومنحته حقه في الحياة بأمان. ثانيا: حق الإنسان في المساواة وعدم الاختلافات. قال صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى). فالإشارة هنا واضحة إلى عدم التمييز بين البشر فكلنا لآدم وآدم من تراب. فسبب تنوع النفس البشرية واضح وجلي وضوح الشمس وهو التعارف وليس التصادع. ثالثا: حق النساء في الإحسان لهن. قال صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً). فليكن قدوتنا في إكرام المرأة وصون كرامتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان أخيرنا في أهله. والمرأة إنسانة لها شأنها في المجتمع إذ تمثل نصف الأمة وتلد النصف الآخر إذاً هي أمة كاملة، كفل لها الإسلام حقوقها فلها حق العشرة الحسنة وحق التعليم وغيرها من الحقوق. فمن هنا ومن هذا المنبر ندعو الجميع للتغير الإيجابي والحث على نشر الوعي بحقوق الإنسان من خلال وسائل الإعلام للمساهمة الفعالة في نشر الوعي والتثقيف الحقوقي والمساعدة في الكشف عن الانتهاكات التي تحدث والنقد للممارسات السلبية التي من شأنها هدر الحقوق البشرية، ولنسعَ يداً بيد لنشر هذه الحقوق.