الوزير ونائبه منحاني الثقة فحققت ما اعتقدته معجزة! على الرغم من أن الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج يتركز اهتمامها الأكبر على الجانب التعليمي والعلمي بما يتضمنه من أمور التعاقد والتواصل والاتفاقات بين الجامعات وبرامج التدريب والزيارات ومتابعة المبتعثين وفقاً لاختيار الملحق الثقافي من الكفاءات الأكاديمية العلمية والإدارية المتميزة، ولكن قد لا تكون قضايا الثقافة والفكر من ضمن اهتماماته وبالتالي لا يستطيع أن يولي هذا الجانب ما يتطلبه من جهد وفكر وكل ميسّر لما خلق له، باستثناء أشخاص لديهم هذا الاهتمام ويملكون في الوقت نفسه حسًّا ووعياً ثقافياً وشبكة من العلاقات مع المثقفين في الداخل والخارج.. كما يقول الدكتور عثمان الصيني.. ويمثل هذا الاستثناء اليوم شاب فتي بالثقافة والمعرفة والحماس والنشاط المتواصل الذي لا يتوقف.. إنه ناصر البراق ملحقنا الثقافي في المغرب وواجهتنا المضيئة هناك والذي يقوم إضافة إلى أعماله الإدارية في الجوانب التعليمية بجهود شخصية مخلصة لعلمية تواصل ثقافي فكري بين المثقفين السعوديين والمغاربة ويقدم صورة خلاقة للمسؤول الوطني الذي يسعى لإبراز هوية بلاده بالصورة التي تليق بها وتسوق للشخصية الثقافية السعودية في أبهى تجلياتها.. هنا حوار معه بمناسبة انطلاق معرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب والنشر يوم الجمعة المقبل 10 فبراير بمشاركة سعودية متميزة بعد اختيار المملكة ضيف شرف لمعرض هذا العام.. فإلى نص الحوار: معرض الكتاب • ينطلق معرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب يوم الجمعة بعد 10 فبرايرالمقبل 2012، باختيار المملكة العربية السعودية كضيف شرف أو ضيف رئيسي للمعرض. لماذا السعودية تحديداً هذه المرة؟ لأن المملكة العربية السعودية كانت تعمل بصمت على حضور متميز وفعال ودائم في المعارض السابقة، ولأنها حققت قفزة نوعية كبرى في مسار الفكر والثقافة على غرار المجالات الأخرى. ولأن العمل الثقافي الممارَس في المراكز السعودية بالمملكة المغربية عمل مثمر. أقصد الخدمات التي تقدمها مكتبة آل سعود بالدارالبيضاء، والملحقية الثقافية بالرباط. إضافة إلى علاقة متميزة جمعت ولا تزال تجمع بين المملكتين. مثقفون وندوات • ما هي مظاهر أو ملامح مشاركة المملكة العربية السعودية في هذا المعرض غير أجنحة الكتب ومشاركة المؤسسات الحكومية وغيرها؟ الجناح السعودي هو الحاضن لكل الأنشطة، فمن العرض لمنتجات المملكة، إلى اللقاءات والندوات والمحاضرات التي تهم الفكر والإعلام واللغة والثقافة السعودية بشكل عام، إذ سيساهم عدد من المثقفين في إدارة وتنشيط مختلف الأنشطة بما يخدم هدفنا الأسمى، وهو إبراز هويتنا في الصورة اللائقة بها. المشاركات الخارجية • هل تم التخطيط لأن تكون مشاركة السعودية مشاركة فاعلة تتجاوز المشاركات الشكلية إلى الإسهام في نجاح المعرض وإبراز الهوية الثقافية السعودية وتسويقها في أفريقيا والمغرب العربي؟ مثل هذه الملتقيات التي تكون فيها المملكة على رأس القائمة، لا شيء يترك للمصادفة أو الارتجال، وإنما لتخطيط محكم. فالمسؤولون عن المشاركات الخارجية بإدارة التعاون الدولي وبناء على توجيهات ومتابعة وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري أعدوا العدة لحضور نوعي للمملكة بما يتلاءم مع إمكاناتنا العلمية والأكاديمية والثقافية والمادية، ويتناغم والهوية الثقافية للبلد الذي يحتضننا أيضا. الجناح السعودي • ما هي أبرز مناشط المشاركة السعودية في المعرض؟ بالإضافة إلى ما سيقام من ندوات للمثاقفة في فضاء الجناح السعودي، فإن إقامة الندوات والمحاضرات سيكون ذا أهمية بالغة في تخطيطنا، ولعل الجديد في الأمر هو أن هذه الأنشطة سيديرها وينشطها رواد الفكر السعودي وأكاديميون من المملكة أيضا، إضافة إلى شباب أعطوا إشارات واضحة على تميزهم، وأرى أن استضافتهم بالمعرض أفضل فرصة لتشجيعهم. مسؤولية جسيمة • يتساءل البعض عن معايير اختيار الأسماء المستضافة لتحاضر في الصالون الثقافي السعودي بالرباط منذ انطلاقته... هل هي تأتي وفق الشهرة أم عمق التواجد؟ أم الأقدمية؟ أم العلاقات؟ العلم والمعرفة لا يقومان على الفُيُوض العاطفية والارتجال، وإنما بالتدبير السليم وحسن الاختيار، لا سيما وأن الهدف من الأنشطة الثقافية والعلمية هدف نبيل، ولن يتحقق بمساع غير نبيلة. أعني أننا أمام مسؤولية جسيمة تتمثل في تقديم وجه مشرق للثقافة السعودية يُظهر الدعم الكبير الذي تتلقاه من المسؤولين، ولذلك فالكفاءة والحضور المتميز للأسماء المثقفة في المملكة عاملان حاسمان في الاختيار. وهذا لا يعني أن العلاقات ليست جديرة بالانتباه إليها، فهي إحدى الأسس التي ترتكز عليها مهمتنا، لكن ينبغي أن تحددها أبعاد ثقافية لا غير. وهذا ما سعينا إليه في أنشطتنا بالملحقية الموسم الماضي، ونعمل على الاستمرار فيه... إن البعد المعرفي والكفاءة والملاءمة لطبيعة الأنشطة هي المحدد الوحيد للدعوات، وكل ما دون ذلك لا اعتبار له، خصوصا وأننا نمثل مؤسسة لا صلة لها بتيارات فكرية أو سياسية أو أيديولوجية، أو جهات معينة، وإنما تتمتع باستقلالية كبيرة. • يشهد لك الكثير بإحداث نقلة كبيرة في ربط الثقافة المغربية بالسعودية وإحداث التواصل المثري بين البلدين ثقافياً عقب تسلمك مسؤولية الملحقية الثقافية في السفارة السعودية في الرباط. كيف استطعت أن تحقق هذا التقارب؟ وما هي خطتكم المستقبلية لمزيد من الإثراء؟ شركاء الثقافة لا يمكن اختزال الفضل في شخص أو مؤسسة واحدة، إن الأمر ببساطة يتعلق بالاستفادة من عمل الآخرين وما قاموا به سابقا، إضافة إلى محاولة تطوير أدائي والاستفادة مما تعلمته في التجربة السابقة بالسودان. كما أن مجهوداتي الشخصية وتصوراتي ما كانت لتكون ذات فائدة لولا الدعم الذي أحظى به من معالي وزير التعليم العالي ومعالي نائبه. إنه عمل مؤسسيّ متكامل يجعلك تجتهد بنية حسنة. فكلما توافرت النية الحسنة والرغبة حظي عمل المرء بالدعم والتقدير. هذا دون أن ننسى القدرة على امتلاك آليات التواصل الجيد لإقناع كل الشركاء في العملية الثقافية بجدوى عملك سواء الذين تمثلهم أو الذين يحتضنوك. الثقافة الأمازيغية • تعد المغرب على المستوى الثقافي والمعرفي والنقدي من أهم البدان الإفريقية التي تتميز بثقافة نوعية وإبداع أصيل متجدد ومتجاوز. ما هي خطتكم للاستفادة من المنجز المعرفي المغاربي للإضافة إلى المنجز الثقافي المعرفي السعودي؟ ما تفضلت به صحيح إلى أبعد الحدود، وأضيف أن العمل بالمملكة المغربية بقدر ما هو مفيد، بقدر ما هو متعب. فبلاد كالمغرب يعد من أكثر البلدان مثاقفة، إن كان على مستوى الثقافة المحلية التي تتنازعها الأمازيغية والعربية والحسانية، أو على مستوى الثقافة الأجنبية المتنوعة أيضا. بل إن الصعوبة تزداد عندما يدقق المرء في هذا التنوع، فالثقافة الأمازيغية ليست ثقافة واحدة وإنما ثقافات، والثقافة العربية أيضا بالمغرب ذات بعدين، مشرقي ومغربي أندلسي خالص. أما الثقافة الأجنبية ففي المغرب مَشارب متعددة، فهناك الثقافة الفرنسية والإسبانية وحتى الأنجلوساكسونية. إنه ملتقى من الثقافات والحضارات التي تجعل مهمة استيعاب الوافد على المغرب لبنيته أمرا صعبا في البداية. ولذلك فأول خطوة للاستفادة من هذا الثراء والتنوع الثقافي تقتضي تَشَرُّبَ هذا المناخ ثم نقله عبر وسائط، كاللقاءات الثقافية والندوات ومتابعة الإصدارات المغربية وتحويل كل هذا إلى المملكة العربية السعودية. إنه ما نقوم به، وهو جزء من مهمتنا هنا. نشاطات الملحقية • ما هي نشاطاتكم في الملحقية لإبراز الجانب الثقافي السعودي المضيء؟ هي ذات الأنشطة التي قمنا بها في الموسم الماضي مع تطعيمها وتوسيعها. إذ تبقى اللقاءات والندوات نشاطا راسخا لدينا لأنها تمكن من التعرف عن قرب وبشكل مباشر على فكر المحاضرين، كما تمكن من مناقشتهم والتحاور معهم. عوائق موضوعية • ما هي الصعوبات والتحديات التي تواجهونها وما الذي تحتاجونه لإيصال رسالة المملكة في هذا الجانب؟ لا يمكن للمرء أن يُنفذ كل ما يفكر فيه ويتصوره دُفْعة واحدة، لعوائق موضوعية في الغالب. إن التعايش مع البلاد التي تقيم فيها يمثل عاملا حاسما في العمل بأريحية، وبلاد كالمغرب، مثلما تحدثت عنها قبل قليل، توفر كل الأسباب التي تدفع في اتجاه العمل المثمر، لكن بجهد ومثابرة نظرا لخصوصية هذا البلد من الناحية الثقافية. كل ما أحتاجه توفيق الله طالما الثقة والدعم موجود والاجتهاد أيضا. تجربتان مفيدتان • ما الفرق بين تجربتك السودان والمغرب؟ التجربتان على اختلافهما مفيدتان، وكل واحدة تتميز بسمات خاصة، وقد استفدت استفادة كبيرة منهما. ما أثارني في السودان هو الاهتمام الكبير بالجوانب التراثية في الثقافة العربية والسودانية. أما في المغرب فهناك توازن مثير للغاية، فبقدر محافظة المغاربة على الموروث العربي والأمازيغي الإسلامي، بقدر انفتاحهم على التيارات الجديدة في الأدب واللغة والفكر، التي تبدو جلية جدا في فكرهم. ولذلك قلت لك إن العمل بالمغرب مفيد رغم أنه يدفع المرء إلى الكثير من بذل الجهد لاستيعاب هذا التنوع. حراك متبادل • وأخيراً تُوجَت جهودكم بدعوة المملكة ضيف شرف على معرض الدارالبيضاء... ماذا تود أن تقول الآن؟ لا يسعني إلا أن أكون سعيدا بأداء مهمتي هنا على أحسن ما يرام بما يخدم بلادي والبلاد التي أمارس فيها عملي. وبالمناسبة أشكر معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري ومعالي نائبه الدكتور أحمد السيف، وكل من وضع فيّ الثقة وراهن عليّ لإنجاز ما ترون من أعمال، كما أشكر كل من دعمني هنا وسهل مهمتي، وأتوجه بالتحية للقائمين على وزارة الثقافة المغربية وعلى رأسهم السيدان الوزيران السابق بنسالم حميش، والحالي الدكتور محمد الأمين الصبيحي لاختيارهما المملكة ضيف شرف على معرض الكتاب والنشر الدولي بالبيضاء، فلهما منا كل التقدير، راجيا أن نساهم في خلق حراك ثقافي متبادل. كما لا يفوتني أن أشكر وسائل الإعلام النزيهة التي تبرز العمل وتساهم في تقويمه بموضوعية والتنبيه إلى نواقصه قصد تجاوزها. سيرة ذاتية ناصر بن نافع البراق المؤهلات : * - ماجستير في الإعلام الدولي من جامعة ليدز بالمملكة المتحدة 2006 م. * - بكالوريوس صحافة وعلاقات عامة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1997 م. * المهام الوظيفية : * - الملحق الثقافي السعودي بالمغرب من 2010/7/27م حتى الآن.* * - الملحق الثقافي السعودي بالسودان من 2009/5/25م إلى 2010/7/26م * - محاضر الإعلام بجامعة تبوك 2009 م. * - المستشار الإعلامي والثقافي بمكتب وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية 2007-2008 م. * - صحافي «الشؤون السياسية والثقافية» في صحيفة الحياة. * -صحافي متعاون مع صحيفة الاتحاد الإماراتية 2009م. عضويات اللجان والمشاركات : * - عضو اللجنة الإعلامية والتنظيمية لمؤتمر القمة العربية التاسعة عشر، الرياض في الفترة من 2007 م. * - عضو اللجنة التنظيمية والإعلامية لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2007 م. * - عضو اللجنة التنظيمية والإعلامية لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2008 م. * - عضو اللجنة التنظيمية والإعلامية لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2009 م. الدورات ومهام أخرى : * - كورس متقدم في الاتصال (inter Com) من جامعة ليدز في المملكة المتحدة للفترة 8/8/2005 م إلى 9/9/2005 م. * - صحافي (متعاون) مع صحيفة اليوم 2002 م- 2003 م. * - ممثل وزارة الثقافة والإعلام في الوفد الإعلامي السعودي الزائر لليابان عام 2002 م. * - محرر صحفي، ومراقب مطبوعات، في «الإعلام الداخلي» بوزارة الثقافة والإعلام 1999. * - محرر أخبار في «إذاعة الرياض» 1997-1999. * - صحافي متدرب في صحيفة الرياض أثناء دراسة البكالوريوس 1997. الاهتمامات: * - متابعة الأبحاث والدراسات الإعلامية. * - حضور الندوات والمؤتمرات. * - تقديم الأبحاث الإعلامية المتخصصة.