ظل أدونيس لسنوات طويلة يُحدثنا عن الحرية وجمالها، وأن كل مشكلات العرب هي من الديكتاتور الأبله الذي يُفسد عليهم حياتهم ويجعلها أكثر تخلفاً، وحينما جاءت الفرصة مع الثورة السورية كي يثبت لنا السيد الشاعر أدونيس أنه جاد في كل ما يقوله من أفكار عن الحرية، وأنه لم يكن يرتزق بها في المحافل؛ سقط سقوطاً كبيراً ومعه شريحة لا بأس بها من حملة الشعارات في بلاد الشام وفي غيرها.. بدا واضحاً جداً أن أدونيس المثقف الرافض للطائفة والمذهب والعرق والهويات البدائية الصغرى في قصائده، الذي عشقه بعض أولادنا ونافحوا عنه وجعلوه رمزاً وقدوة؛ هو مجرد طائفي بغيض لا يؤمن بالحرية إلا بالقدر الذي تجلب فيه منفعة له ولطائفته، وأن الشعوب المسحوقة التي طالما تظاهر بالدفاع عنها لا تعني له إلا قصيدة تستدر الإعجاب ولا غير. طبعاً أتفهم أن الشاعر والمبدع الذي يعيش في بلد الديكتاتور؛ لا يستطيع أن يعبر عن قناعاته بمنتهى الحرية، ولا أن يدافع عن المظلومين الذين يسحقهم الديكتاتور خوفاً من بطشه ولعناته التي تعم الأهل والأقربين، ومع ذلك فلا عذر له، وقد رأينا كثيرا من هؤلاء المبدعين الذين كانوا شرفاء بحق، وعبروا عن مأساة الشام بكل ما يمكن؛ بعكس الأدونيسيين الذين أثبتوا لنا أنهم يقضون ما بقي لهم من حياة دون شرف ولا مروءات.. المدهش هنا أن أدونيس يعيش خارج سوريا منذ عقود، ومع ذلك اختار عامداً متعمداً أن يصطف مع قاتل الأطفال بشار، وأن يدافع عنه وأن يصوره بكل ما يستطيع وكأنه حامي الأقليات ومنقذها الحنون في بلاد الشام!! هذا الموقف المخزي يبين لنا أن هؤلاء مجرد وهم، وأن أولادنا المعجبين مجرد مساكين يصدقون كل ما يقال وما يُكتب!!