شاهد الطفل الرضيع كيف يتشعبط على الكنبة كي يلتقط ميدالية مفاتيح السيارة، كم مرة يحاول ويتعثر ثم يعاود المحاولة بلا كلل ولا ملل، ولم يعطه أحد محاضرة عن مساوئ الإحباط. الإحباط يتعلمه الإنسان في البيت، في المدرسة، في الشارع، في الوظيفة.. الأب الذي يتفنن في اصطياد أخطاء أبنائه ويتغافل عن نجاحاتهم يخلق لأبنائه الإحباط. الأم التي تتفنن في تطفيش بناتها بواجبات اجتماعية ما أنزل الله بها من سلطان تخلق لبناتها الإحباط. المدرس الذي ينعت طلابه بأبشع الألفاظ وينسى مناطق تفوقهم وإبداعهم يخلق لطلابه الإحباط. المدير الذي يحتفظ بالامتيازات الوظيفية من ترقيات وعلاوات ودورات تدريبية خارجية وانتدابات لنفسه ويترك موظفيه يعيشون على الفتات يخلق لموظفيه الإحباط. هناك جنود كثيرون في الوطن العربي سخروا أنفسهم لغرس الإحباط في نفوس الناشئة وغير الناشئة، أحياناً تأتي هذه الجهود الضخمة لغرس الإحباط بقصد وأحياناً بغير قصد، ليس مهماً أن نعرف أنها تحدث بقصد أو بغير قصد ولكن المهم أن النتيجة واحدة. وفي مسألة رمي الإحباط على الآخرين يقول الطبيب النفسي المصري الشهير عادل صادق- يرحمه الله – «دول بيستندوا عليك» كناية عن أنك ستعطيهم الفرصة لأن «يلزخوا» كيفما شاءوا بلا حساب! فالمدرس الذي يتسلط على طلابه وينعتهم بأسوأ الألقاب هو ينفس عن نفسه أمام طلاب لاحول لهم ولا قوة، وينضم إلى هذا الركب المدير الذي يتصيد أخطاء موظفيه ولا يلقي لهم بالاً حينما ينجزون الأعمال الضخمة. الإحباط أسبابه عديدة ولكن النتيجة واحدة ناتج قومي مهدر والسبب قصور في أساليب التربية المنزلية والتعليمية والوظيفية.