مع اقتراب موسم الإجازة الصيفية، تواجه المؤسسات الثقافية المحلية أزمتها السنوية في كيفية شغل هذه الإجازة بالبرامج والنشاطات الثقافية المبتكرة. وعلى مدى السنوات الماضية، عجزت كثير من المؤسسات الثقافية المحلية عن ترك بصمتها على أيام وليالي الصيف، التي تمتلئ بكل النشاطات ما عدا النشاطات الثقافية والإبداعية. وربما قدمت بعض الأندية نشاطات صيفية، لكنها بقيت مكررة وخارج دائرة البرامج الثقافية الجادة. وتزخر عديد من المدن السعودية بمهرجانات وبرامج ترفيهية تستقطب كثيرا من المواطنين، لكن على صعيد المهرجانات الثقافية، فإن هذه المدن تفتقر إلى النشاط الثقافي الحقيقي. ويعتقد كثيرون أن توقيت بدء الإجازة الصيفية لهذا العام لا يساعد المؤسسات الثقافية على إقامة البرامج والنشاطات الثقافية المأمولة. وتبدأ الإجازة الصيفية للطلاب في النصف الثاني من شعبان المقبل حيث لا يتبقى على حلول شهر رمضان سوى أقل من أسبوعين. ودرجت العادة على أن يكون شهر رمضان خاليا من النشاط الثقافي إلا من بعض المحاضرات والندوات الدينية والاجتماعية القليلة. وإذا كان رئيس النادي الأدبي بجدة، الدكتور عبدالله السلمي، لا يرى فرقا بين فصول السنة، وأن مجلس إدارته المنتخب لا يتوقف عن العمل، ولم يضع في أجندته نهاية موسم أو بداية آخر، وأن العمل في الصيف يسير كبقية العام بإقامة الدورات والمحاضرات والورش والمسرحيات وتقديم البرامج الصيفية والرمضانية، فإن السلمي يعمل منذ ثلاثة مواسم على تقديم بعض البرامج الصيفية المبتكرة، ومن أبرزها برنامج «السائح المثقف»، الذي يتضمن إقامة عدة أنشطة في الأماكن العامة والأسواق التجارية ومطار جدة، وتشمل توزيع حقائب فيها مجموعة متنوعة من إصدارات النادي. ولا تتوفر مثل هذه البرامج لدى كثير من الأندية الأدبية، لكنها تعمل على الاقتراب أكثر من الشباب، وتمثل تجربة ناديي الرياضوحائل الأدبيين في الوجود وعرض إصداراتهما في مطاري المنطقتين تجربة لافتة يجدر التنبيه إليها. ويقول عضو مجلس إدارة نادي حائل الأدبي، علي النعام، إن النادي سعيد بما حققته التجربة من تواصل مع الجمهور المستهدف، وأن النادي برغم ذلك هو الآن في صدد تقييم التجربة وتعزيزها بعديد من الروافد التي يمكن لها أن تزيد من علاقة النادي بالجمهور الثقافي. ولا ينتظر الشباب كثيرا من المؤسسات الثقافية في هذا السياق، لكن الكاتب والفنان التشكيلي محمد الغامدي يتذكر بكثير من الإعجاب التجربة المشتركة في إقامة ملتقى «سين» الثقافي بين فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة وموقع سين الإلكتروني خلال العامين الماضيين في الإجازة الصيفية. ويرى أن تعميم مثل هذه التجربة يمكن له أن يوفر جوا ثقافيا خلال الصيف بما يساعد على تقديم الحراك الثقافي المأمول. وكان فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة، بالاشتراك مع موقع سين الثقافي على الإنترنت، قد أقام خلال العامين الماضيين ملتقى ثقافيا شاملا ساهم في تقديم عديد من النشاطات الثقافية اللافتة وتم تنفيذ الملتقى ضمن فعاليات مهرجان «جدة غير». ولم تتضح الصورة حتى الآن حول إقامة المهرجان في موسم الصيف الحالي.