في زمن الطيبين كانت بعض أسئلة الاختبارات النهائية تبدأ ب ( أجب بالقول السديد بعد الاستعانة بالرب المجيد) وهذا سجع متكلف لم يكن ضرورياً كي تستقيم ألسنتنا، ولولا رحمة الله بجيلي العزيز لكنا حتى اللحظة نسجع دونما داع أو سبب وجيه، ولأصبحنا نستخدم طريقة تعبير فاشلة في مخاطبة الآخرين.. لقد خرجنا جميعاً بأقل التلفيات من تلك الحقبة المباركة!! برأيي أن السجع غير قابل للاستخدام حالياً لأن صلاحيته انتهت منذ قرون، ولأن اللغة المعاصرة تتجه إلى البساطة والسلاسة والاختصار دونما تعقيد أو اختراع، ولذلك فالسجع يتحول إلى تلوث سمعي حينما يستخدم في غير أوانه ولا عصره، وأعتقد أن من يخطب سجعاً أو يكتب سجعاً في هذه الأيام يعيش خارج المضمار مع كامل احترامي وودي.. الظرفاء الذين كانوا يؤلفون كتباً في جلساتهم الخاصة بعناوين مسجوعة على شاكلة ( النحو الوافي في تكسير اموافي) كانوا يحتجون بطريقتهم على السجع وعوالمه الثقيلة والمتكلفة؛ أما اموافي لمن لا يعرف فهي جمع ميفا وهو التنور المصنوع من الطين المحروق الذي يستخدم لصناعة الخبز وأشياء أخرى ربما يعرفها مولانا (دعشوش).. لا أدري لماذا أجد خطب جمعة ومقالات تقوم على السجع الآن؟ هل لأن أصحابها يعتقدون أن فيها إعجازاً لغوياً وبلاغياً؟ أم لأنهم يجدونها سهلة مثل الرجز أو حمار الشعراء كما يقولون؟ اسألوهم؛ فربما يكون لديهم ما يفيد.. وسقى الله زمان « اموافي»