جميعنا شاهد الفيلم الأسطوريّ (أفاتار) للرائع جيمس كاميرون، وتأثرَ بالملحمة الفنية الخالدة لأجيال مقبلة، وبما أنّ الإبداع ليس حكراً على الغرب وحده، فقد انتقلت العدوى إلى رائدة المشهد الثوري الحالي (داعش)، لتقدم لنا فيلماً بأجزاءٍ غير محدودة بعنوان (داعشار)! تتصدّرُ سلسلة أفلامها شباك التذاكر العالمي وغدتْ قِبلة لسكان العالم الذين يرغبون في معاينة جديدها كل يوم. من باب المقارنة المجحفة، لا بدّ أن نمرّ على كائنات (أفاتار) الزرقاءِ الافتراضية المُدارة عن بُعد التي صمّمها علماء ومن ورائهم جيش كامل للتغلغلِ في كوكب (باندورا) والسيطرةِ عليه مدّعين بأنهم يريدون الخير للسكان الأصليين، وما انفكوا يرسلونَ كائناتهم المزيفة المتنكرة بأشكال الأهالي لتحقيقِ ذاك الغرض. بنظرةٍ سريعة على واقعِ (كوكب) سوريا المغلوب على أمرهِ سنجد تشابهاً مقيتاً كائناتٌ متنكرة بزي الدينِ والغاية الواحدة صُممت من قبلِ دول تريد (الخير) لسوريا وتدارُ على مدارِ الساعة من قبلِ غرف عمليات مُخصصة تابعة لها هدفها الأساسي توسيع نفوذها وإنْ على حساب آلاف الأرواح. إنّ (داعشار) وجد كي يتسلل للداخل السوري ويحقق مآرب القوى الكبرى بالتعاون مع النظام تلك الادّعاءات العقيمة بأغراضهم الثورية ونياتهم التطهيرية ماهي إلا كتبريراتِ كائنات (أفاتار) للأهالي كلما التقوا بهم بأنهم لا يبغون أذيتهم وأنهم يعملون في صالِحهم. وكما شاهدنا في الفيلم عندما ينطقُ أحدهم بغير المرغوبِ أو تنتهي مهمّته يتمّ إيقافه عن بعد وبسهولة تامة، وليس (داعشار) عن ذلك ببعيد فالخطة واضحة وفلول الشبيحة والعملاء ممن يعملونَ في داخلها كفيلة بإثبات ذلك. كلنا سمعنا عن عمليات التصفيةِ للشرفاءِ داخل (داعش) وخارجها، والجميع يعلمُ الآن بحجم المصاب الجاثم على صدور السوريين وكأنه قدّرَ لهم أن يهربوا من النظام إلى أحضانِ أذنابه. دعونا نمر بتفاصيل أخرى للفيلم ونتكلم عن الفتاة القبَليّة (نيتيري) التي قدمت يد العون لأحد كائنات أفاتار ووثقتْ به وتوسلت أفراد قبيلتِها من السكان الأصليين كي يسمحوا له بالمكوث بينهم كواحد منهم، لتكتشف فيما بعد غدره بها وخيانته وإسهامَها الساذج في وقوع قبيلتها فريسة للغزاة. ما أشبه الشعب السوري المسكين بحالِ هذه الفتاة، فقد احتضنَ أي حركة تدّعي المقاومة والثورة ومدّ يد العون والمساعدةِ لها متأملاً خيراً بمقاتلينَ أتوا لينقذوه من أنيابِ نظام فاجر، ليكتشف بعدها أنه يدورُ في حلقةٍ مفرغة وأن (داعش) الكريمة هي جزء من منظومةِ فسادٍ متأصّلة في الواقع السوري ويتعايش يومياً مع سكين غدرٍ تستنزفه في كل لحظة. يبدو أنّ المتحمسين للدم السوري من النظام وغيره مُستمتعونَ حقاً بسلسلة الأفلام هذه، وما على السوري إلا أن ينتظرَ دور العرض لتفرغَ من روّادها، لعلّه يستطيع بعدها أن يفكرَ بمُساءَلة المخرج والكاتب لهذا السيناريو القذر الجاري في سوريا. جلّ ما نتمناه أن تملّ (داعش) من التصوير في أراضي سوريا وأن تمضي نحو موقعٍ منكوب آخر.