توفر المملكة العربية السعودية العلاج الطبي المجاني لجميع المواطنين، كما توفر الخدمات الصحية الأساسية للمقيمين (التحصين المجاني والعلاج بالحالات الطارئة والتنويم بحسب ما تقتضي حالتهم الصحية) تحت مظلة وزارة الصحة. لكن ولأسباب عدة منها -الضغط الكبير على الخدمات الصحية وطول فترات الانتظار- يعاني المواطن وخصوصاً ذا الدخل المحدود من التكلفة العالية للخدمات العلاجية في حال عدم توفر التأمين الطبي، فيلجأ للعلاج بالمرافق الصحية الخاصة الربحية الأسهل وصولاً والأقل انتظاراً للمواعيد الطبية بالمقارنة مع الأنظمة المجانية كما بوزارة الصحة أو بالقطاعات الصحية الأخرى غير ربحية. بادرت وزارة الصحة بإنشاء مدن طبية ومستشفيات ومبان أنموذجية لتقديم الرعاية الصحية الأولية وتجهيزها بمعدات حديثة، إلا أنه لا تزال نسبة ليست بالقليلة منها غير جاهزة لتقديم الخدمات العلاجية بشكل آمن للموظف ولمتلقي الخدمة العلاجية، وتتفاوت جودة الخدمات العلاجية المقدمة بها باختلاف الأشخاص والإدارة المباشرة لضعف الرقابة النوعية وقلة التحفيز. لهذا يلجأ كثير للتوجه للعلاج المدفوع الثمن، أو للبحث عن العلاج بالخارج، رغم وجود الإمكانيات العلاجية المجانية بكفاءات صحية أنفقت الدولة كثيراً لتأهيلها وإعدادها لخدمة المواطنين. بالإضافة لذلك توجد معظم التسهيلات الطبية والمستشفيات المتخصصة بالمدن الرئيسة، بينما تفتقر المناطق النائية أو ذات الكثافة السكانية العالية إلى الخدمات العلاجية المتخصصة التي تكفي حاجتهم، ولهذا فهم مضطرون لاستخدام المراكز الصحية الأولية الحكومية محدودة العدد التي لا تفي لتغطية احتياجات السكان الصحية، وتعاني من نقص بالتجهيزات والأدوية والكفاءات الصحية المدربة والمحفزة مادياً أو للتطوير للعمل بها. لهذا يطالب كثير بتوفير التأمين الصحي بشكل كامل للمواطنين وخصخصة القطاع الصحي الحكومي رغم التبعات على المستفيدين من الخدمات الصحية والنظام الصحي بأكمله. فالخصخصة ستقيد العلاج بحسب المعايير الربحية التي تخضع لموافقة شركات التأمين وبالغالب تتعرض للاحتكار من مقدم الخدمة الأكثر قدرة مادية وتسهيلات إدارية لرفع الأسعار في ظل ضعف المنافسة، ولن تهتم بحماية البيئة عند التخلص من النفايات الطبية أو الحماية من الأمراض المعدية لأنها غير مجدية مادياً، ولن تركز على التوعية الصحية والوقاية من المرض، كما أن التأمين الصحي لا يتكفل بعلاج الأمراض الوراثية والأورام. ينبغي التريث بخصخصة القطاعات والخدمات الصحية وإعطائها لشركات التأمين بشكل جزئي وتدريجي تحت رقابة وزارة الصحة، وذلك لحماية المرضى وتوفير عدالة العلاج لجميع المواطنين. يسبقها وضع سياسات ومعايير تضمن جودة الخدمات الصحية وحماية البيئة والمجتمع. لتحقيق مقولة «الصحة للجميع» فأحد الحلول الأكثر فعالية والأقل كلفة كما توصي منظمة الصحة العالمية هو تقوية الخدمات الصحية الأولية التي بالتالي ستقلل الحاجة إلى التحويل للمستشفيات الثانوية والمرجعية والمتخصصة. هنا يأتي السؤال كيف؟ هل بالاستمرارية بنفس العوائق بقلة الحوافز والتدريب والتطوير وضعف الإمكانيات العلاجية والتشخيصية وتنفير الكفاءات الصحية الجيدة من العمل بها خصوصاً مع دوام الفترتين وزيادة ساعات العمل بالمراكز الصحية الأولية؟. أو بتحسينها عبر إيجاد طرق فعالة للتطوير فعلى سبيل المثال لا الحصر إعطاؤها لشركات صحية متخصصة لتشغيل المراكز الصحية مع تحمل وزارة الصحة الدور الرقابي والتدريبي ووضع السياسات والمعايير لضمان حسن أدائها. مجانية العلاج لا تكفي لضمان الصحة للجميع بدون تحسن الخدمات الصحية ودعم الرعاية الأولية للوقاية من الأمراض، التأمين الصحي قد يكون أحد الحلول التي ستوفر العلاج للجميع ولكن لا يمكن أن يطبق بشكل كامل للخدمات الصحية وبدون مراقبة مباشرة من وزارة الصحة.