خلقنا الله سبحانه وتعالى مختلفين عن باقي المخلوقات، لنستطيع التكيف مع هذه الحياة، وفضّلنا على كثير من المخلوقات بالعقل والتفكير. الإنسان منذ أن خُلق كان مملوءاً بالفضول والتساؤلات عن كل ما يحيط به، بدأ يتعلم حتى بلغ كثير من الناس مراتب عالية من العلم، ولكن وعلى الرغم من أن الله جل وعلا، فضلنا على كثير من خلقه، فضلنا نحن الاستغناء عما ميزنا به، فضلنا الاستغناء عن العلم، وتلاشت ثقافة السؤال في مجتمعاتنا، وأصبح من الخطأ أن تسأل عن أمر ما حتى وإن أسأت فهمه، وأمر طبيعي أن تعيش مع هذا الخطأ حتى تبلغ من العمر عتياً. السؤال محرم في مجتمعاتنا، حتى عن الدين، على الرغم من أن هذا الأمر لا يمت للدين بأي صلة، وفي ثقافتنا، السؤال أشد من القتل، ولم نأبه لذلك.. بعضهم يظن أنه من الخطأ أن تسأل، أو أن تنطق ب«لماذا؟» و«كيف؟».. عليك فقط الاتباع، عفواً ولكن البشر لم يُخلقوا قطيعاً للاتباع فقط! يظن بعضهم أن السؤال يكون بسبب الشك، وأن الشك محرم على الجميع، خصوصاً في الأمور الدينية، ولكنه في الحقيقة قد يكون سبباً في زيادة الإيمان، فكل أمر نبدأه باستفهام وننهيه بإجابة قد يزيد الإيمان في قلوبنا، لأن كل ما يحيط بنا من صنع الله سبحانه وتعالى، ولكن إن بدأت باستفهام ولم تجد إجابة فإن ذلك يؤدي إلى زعزعة في الإيمان. قال الكاتب الإماراتي ياسر حارب في كتابه «بيكاسو وستاربكس»: «يعتقد البعض أن الإيمان هو نقيض الشك، ولا يدركون أن الشك هو جزء من الإيمان. فعندما تشك فإنك تسعى لمعرفة الحقيقة، وعندما تجدها فإنك تجد الإيمان عندها». لذلك لا تُحرّموا الشك وتطالبوا بالإيمان. ثق تماماً بأن المعرفة لا تنتهي بنقطة وإلا ستتلاشى.. ثق تماماً بأن المعرفة تبدأ باستفهام ولا تنتهي أبداً، وأن الاستفهام في كل اللغات لم يوجد عبثاً.