لله سبحانه في كل يوم أفعال ومقادير لا يحصيها غيره، ولا يقدرها سواه و لا يحيط بها علمًا سواه جل شأنه. هذه الأفعال الربانية لطالما حارت فيها العقول، وذهلت منها النفوس .. وقد ضل فيها كثير من البشر، وكانت دوما طريقا للضلال و بوابة للإلحاد لمن لم يؤمن ويسلم،وأصر أن يسلك طريق الشك والارتياب مقحماً نفسه و عقله في محاولات عقيمة لكشف الغيب والمستور وتعليل ما يحدث والاصرار على فهم كل دقائق الأمور وجعل ذلك شرطاً للإيمان. وإن لم يقف على علة كل فعل لله تعالى، وحكمة كل قدر قدره سبحانه ولى رافضاً محتجاً معترضاً!! إن طريق الإلحاد لا يبدأ بميلاد المرء عليه ونشأته بين منعطفاته. فالفطرة سليمة. والإيمان بأن لكل وجود موجداً راسخ في الفطرة. ومعظم من ضل وألحد وصل إلى ذلك حينما سلك طريق تعليل أفعال الله جل شأنه.والاعتراض عليها وعلى أوامره ونواهيه. وأكثر من السؤال ومن كيف؟ وماذا؟ ولماذا؟ واعتنق فكرة أنه لا سلطان على العقل إلا العقل. وأن التسليم بأفعال الله دون تفسير أو تعليل يخالف العقل!! وأن العقل قادر على كشف الغيب وتحليله وتفسيره !! فزاغت العقول ، وضلت القلوب، وامتلأت النفوس بالشك!! وما أضل الواحد من هؤلاء إلا اغتراره بعقله،وافتتانه بذكائه، وحدّة تفكيره!!! وما من مخلوق أسعد من الشيطان بالواحد من هؤلاء، فينطلق إليه زافاً له المزيد من الشكوك والتساؤلات والشبهات، وقد أفزعني أن أجد شخصاً نعرفه ونعرف فيه الثقافة وسعة الاطلاع وحدة الذكاء قد أصبح أحد فرائس الشيطان. فانطلق يطرح أسئلة يظن أنها دليل ذكائه وحدة عبقريته مثل قوله: لماذا يخلق الله تعالى الكفار ثم يعذبهم؟ وإذا كان الله تعالى لا ينتفع بعذاب أحد من الناس فلم يعذبهم؟ وأين الحكمة في تسليط أعدائه على الصالحين يذيقونهم سوء العذاب قتلاً وأسراً وعقوبة؟! وما الحكمة من خلق بعض الناس بعاهات وإعاقات وتعذيبهم بهذا وتعذيب ذويهم؟ لماذا يجعل الله الكافر منعمًا، والظالم مترفًا، ويجعل المؤمن معذبًا، والصالح مضطهدا مقهوراً، إلى غير ذلك من سيل الأسئلة التي يعترض بها على حكم الله تعالى وينفي حكمته فيها جل جلاله، لقد فطن ذكاؤه إلى مثل هذه الأسئلة، ولم يفطن إلى أنها استدراج الشيطان له ولكل من يحاولون ولوج هذه الأبواب بالجدل والاعتراض والسؤال الذي لا داعي له، إن كثيرا ممن اعترضوا على قضاء الله وقدره وفعله ومشيئته لم يظنوا أن اعتراضهم سينتهي بهم إلى الشك ويوصلهم إلى الزندقة والإلحاد، يقول الله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) إن الاعتراض على حكم الله تعالى، والانشغال بتعليل أفعاله أصبح منتشرا في زمننا حتى سرت بين الناس ألفاظ وأمثال يتبادلونها فيها سوء أدب مع الله تعالى، وسوء ظن به سبحانه.. مثال قولهم : يعطي الحلق لمن ليس له أذنان !! إذا رأوا الرزق يصب على من يظنونه لا يستحقه والعياذ بالله!! أعتقد أننا بحاجة لأن تكون لدينا ثقافة الأدب مع الله والدين، ومناهج ترسخ العقيدة على أساس الثقة والرد على الشبهات لكل الناس والمفاهيم لا أن تكون للمتخصصين دون غيرهم من الناس. فخطر ذلك آخذ بالتسرب إلى شبابنا عن طريق الكتب والمقالات والروايات التي يسوق لها ولأصحابها الإعلام المنحرف، وهي مليئة بهذه الأسئلة والاعتراضات، وإننا ندعو الله(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ) إننا بحاجة إلى تقوية القلوب بالإيمان والتقوى، وتحصين الناشئة من بنين وبنات ضد الأفكار المنحرفة، وذلك بغرس تعظيم الله تعالى في قلوبهم، والاستسلام لأمره، والرضا بقدره.وإلا وجدنا كل يوم عقلا بيننا ضل وفسد. [email protected]