مولعون بالتراث والتاريخ والآثار. لكنهم شتّى، وعلاقة كل واحد منهم بالآخر قائمة على الاجتهاد الشخصي، والتواصل الخاص. يتجمعون بارتجال، وينظمون لقاءاتهم بعفوية. وحين يبحثون عن فرص للإطلال على الجمهور تقف أمامهم العراقيل والعقبات. ويؤكد مهتمون بالتراث في المنطقة الشرقية ضرورة المحافظة على الآثار والتحف النادرة وعدم إهمالها، مطالبين فرع هيئة السياحة والآثار في المنطقة بدعم وتسهيل مشاركاتهم في المهرجانات المحلية لعرض تراث المنطقة وما يتضمنه من إرث ثقافي على الجمهور. كما يطالبون بتأسيس جمعية تهتم بالمحافظة على التراث وإيجاد صالات لعرض التحف الأثرية والمزادات. سلمان العقيل هو أحد المهتمين بالتراث في الدمام، ويقول إنه يرتاد المزادات التراثية منذ ثلاث سنوات بمعاونة أصدقاء مهتمين بهذا الجانب، مضيفا أن هناك تعاوناً من بعض الهواة في إنشاء جمعية خاصة بهم وبمجهوداتهم ولكنها تحتاج لتسهيل الإجراءات من هيئة السياحة والآثار. زميله عبيد بن مناحي يشرح المعاناة والتجاهل قائلاً: نعاني الإهمال الواضح من الهيئة التي تُطالبنا بإرسال القطع التي ننوي عرضها في المزاد إلى الرياض لفحصها، وهذا يعطل عملنا، إضافة إلى أنه لا يوجد تعاون مع الأمانات والمجالس البلدية في إيجاد مقرات لنا أو حتى دعمنا. ويشير إلى أنهم يملكون عملات نادرة وبكميات كبيرة تسك حتى الآن مثل الريال السيساني وسعر الواحد منه 200 ريال، إضافة إلى عملات سكت في عمان في عهد الإمام فيصل بن تركي منذ 120 عاما وسعرها من 20 – 30 ريالاً، ولم يخف إلمامه بالقطع الأثرية التي لا يجوز تهريبها، وقال: مزاداتنا على التراث الشعبي والمشغولات فقط. ولفت إلى أن التحف لابد من تسجيلها وتوثيقها لدى هيئة السياحة، ومنذ 25 عاما بدأت المزادات في المنطقة عند بعض المهتمين مثل أحمد أبوردحة، وانتقلت إلى فريد القحطاني، واستقرت أخيرا عند عبدالله العديني. وتتنوع مواعيد المزادات في المنطقة، ففي الدمام تكون أيام الأحد والإثنين والثلاثاء وفي الأحساء الثلاثاء. ويحضر إليها كثير من المهتمين من المملكة والخليج العربي عموما. وتتميز المنطقة بالتراث الأفضل من الدلال والتراث القديم والمذياع بأنواعه والسيوف والمخطوطات وأكثر المتاحف في الأحساء تهتم بالقديمة. ولفت عبدالله العديني إلى إنهم يحتفظون بالأشياء القديمة، ويحرصون على مستوى القطعة وجودتها، والقطع دائما تأتينا من الهواة والمحترفين، وقال إننا نحتاج إلى صالات للعرض ومساعدات مالية من الهيئة، إلى جانب حرصنا على توثيق القطع المشتراة، ولدينا سجل قائم بالشرقية منذ 12 عاما، مطالبا بأخذ رأي أهل المزادات والهواة في المهرجانات التي تقيمها الهيئة. وزاد العديني: إننا نمنح المهتمين بالآثار قطعاً تعرض في متاحفهم الخاصة المرفقة بمنازلهم حتى لا يرمى بالتراث على قارعة الطريق، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي تعاون من هيئة الآثار. وعن عدد المزادات في المملكة قال: إن هناك مزادات عديدة في المملكة في القصيم وحائل ومكة وجدة، والرياض وحدها فيها سبع مزادات يوميا، إضافة إلى الخرج وأبها من خلال متحف حمود الغامدي في أبها، مقدما شكره لأمير عسير الأمير فيصل بن خالد على دعمه للتراث؛ حيث طلب إقامة مزاد في جناح عسير بالجنادرية قبل عامين، وحضر مزاداً عن طريق مهرجان «وردة وزان» في صيف عسير منذ ستة أعوام، واشترى أول قطعة في ذلك المزاد من باب اهتمامه بالسياحة والتراث والفروسية. ويتابع عبدالله العديني قائلاً: إن التراث مطلب ولابد من المحافظة عليه والحذر من تطفل الدخلاء عليه، وهو بمثابة الجذور لنا، وكل ما نفعله هو توعية للأجيال بأهميته، مشددا على وضع ضوابط لاختيار المهتمين بالتراث الذين يجيدون المعرفة التامة بالتراث وتطوير إمكانات الهواة والحرص عليهم، مبديا أسفه من دعوة غير المهتمين بالتراث في فعالية وإغفال الأجدر في هذا الجانب الذين يستحقون الدعوة في تناقض غريب من الهيئة، وذكر أن الشرقية تشهد حراكا ملحوظا في مزادات التراث في الفترة الأخيرة، وهو يعكس أهمية التراث متى ما أحسن استغلاله وتطوير آلياته. على الجانب الآخر هناك رأيٌ مختلف، فالهيئة العامة للسياحة والآثار تقدم عديداً من أوجه الدعم لأصحاب المتاحف الخاصة بجميع أشكاله حال تقديم صاحب المتحف الخاص طلبه للحصول على ترخيص لمتحفه، ومطابقة المتحف للمواصفات والشروط التي تضمنتها آلية إصدار أو تجديد تراخيص إقامة المتاحف الخاصة. ويدافع مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في المنطقة الشرقية المهندس عبداللطيف البنيان، مؤكدا أن الهيئة تقدم الدعم الفني لصاحب المتحف فيما يخص العروض المتحفية وتطويرها، وتقديم الاستشارات العلمية والإرشادات لصاحب المتحف فيما يخص صيانة معروضاته، وكيفية المحافظة عليها من الحشرات الضارة وكذلك من عوامل الطبيعة، وكذلك تحسين الأداء وتحقيق السلامة والأمن للمتاحف الخاصة ومرتاديها، مما يجعلها مهيأة للزوار والترويج السياحي، ومن أهم أوجه الدعم الفني الذي تقدمه الهيئة: مساعدة صاحب المتحف على كيفية تسجيل وتوثيق محتويات متحفه، وذلك من خلال عدد من البرامج والدورات التي تنفذها الهيئة لهذا الغرض. وأضاف أن الهيئة تقوم بمخاطبة الجهات ذات العلاقة في توفير بعض الخدمات لتلك المتاحف مثل وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للدفاع المدني وفروعها في المناطق والمحافظات، وذلك للطلب منها بالقيام بإجراءات الكشف على المتحف، والتأكد من تطبيق صاحب المتحف لمبدأ الأمن والسلامة في مباني متحفه وإصدار شهادة بذلك، وتخاطب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ممثلة في مكاتب العمل وفروع الوزارة في المناطق والمحافظات، وذلك لدراسة طلبات أصحاب المتاحف الخاصة واحتياجاتهم من الأيدي العاملة، وتأييد الطلبات المستوفية لشروط وتعليمات مكاتب العمل والاستقدام، وتخاطب وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في مديريات الوزارة والأمانات في المناطق، وكذلك البلديات في المحافظات لدراسة طلبات أصحاب المتاحف الخاصة وتسليمهم أراضي لإقامة متاحفهم عليها إما عن طريق المنح أو التأجير الرمزي طويل المدى، وهذا بناءً على التعميم الصادر من صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية رقم 33990 وتاريخ 13 / 7 / 1432 ه، كما يتم التنسيق مع الأمانات والبلديات فيما يخص تقديم بعض الخدمات البلدية للمتاحف الخاصة. وأشار إلى أن وزارة النقل ممثلة في فروعها وإداراتها في المناطق والمحافظات تقوم بالتنسيق مع الهيئة لتقديم الدعم فيما يخص وصلات الطرق خارج المدن والمحافظات أو بينهما، وكذلك إدراج اسم المتحف ضمن اللوحات الإرشادية الواقعة على مداخل المدن والمحافظات، وتسهل وزارة المالية ممثلة في البنوك والصناديق الوطنية تقديم التسهيلات المالية والقروض الميسرة لأصحاب المتاحف الخاصة لتطوير متاحفهم ومنهم على سبيل المثال (بنك التسليف والادخار). فيما تدرس الشركة السعودية للكهرباء ممثلة في فروعها في المناطق والمحافظات مع الهيئة وضع تعرفة مخفضة لأصحاب المتاحف الخاصة، وتقوم الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعريف بالمتاحف الخاصة في مطبوعاتها، وكذلك ضمن نافذة إلكترونية خاصة بهذه المتاحف على الموقع الإلكتروني للهيئة يتضمن معلومات وصوراً عن المتحف، وكذلك كيفية الوصول إليه، إضافة إلى إحداثيات موقعه. وذكر في الختام أن الهيئة وجهت المديرين التنفيذيين لفروع الهيئة العامة للسياحة والآثار في جميع المناطق للتعاون مع أصحاب المتاحف الخاصة وتقديم الدعم الفني وتذليل المصاعب والعقبات واستقبال طلباتهم واستفساراتهم ورفعها للجهات المختصة.